وإنه في أم الكتاب أي في اللوح المحفوظ على ما ذهب إليه جمع فإنه أم الكتب السماوية أي أصلها لأنها كلها منقولة منه، وقيل: (أم الكتاب) العلم الأزلي، وقيل: الآيات المحكمات والضمير – لحم - أو للكتاب بمعنى السورة أي إنها واقعة في الآيات المحكمات التي هي الأم وهو كما ترى.
وقرأ الأخوان (إم) بكسر الهمزة لإتباع الميم أو (الكتاب) فلا تكسر في عدم الوصل لدينا أي عندنا لعلي رفيع الشأن بين الكتب لإعجازه واشتماله على عظيم الأسرار حكيم ذو حكمة بالغة أو محكم لا ينتسخه غيره أو حاكم على غيره من الكتب وهما خبران لإن، وفي (أم الكتاب) قيل متعلق بعلي واللام لما فارقت محلها وتغيرت عن أصلها بطلت صدارتها فجاز تقديم ما في حيزها عليها أو حال منه لأنه صفة نكرة تقدمتها أو من ضميره المستتر و (لدينا) بدل من (أم الكتاب) وهما وإن كانا متغايرين بالنظر إلى المعنى متوافقان بالنظر إلى الحاصل أو حال منه أو من الكتاب فإن المضاف في حكم الجزء لصحة سقوطه، ولعل المختار كون الظرفين في موضع الخبر لمبتدأ محذوف والجملة مستأنفة لبيان محل الحكم كأنه قيل بعد بيان اتصافه بما ذكر من الوصفين الجليلين هذا في أم الكتاب ولدينا، ولم يجوزوا كونهما في موضع الخبر لإن لدخول اللام في غيرهما.
وأيا ما كان فالجملة المؤكدة إما عطف على الجملة المقسم عليها داخلة في حكمها وإما مستأنفة مقررة لعلو شأن القرآن [ ص: 65 ] الذي أنبأ الإقسام به على منهاج الاعتراض في قوله تعالى: وإنه لقسم لو تعلمون عظيم