وقوله جل وعلا:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_30578_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون إبطال لأن يكون لهم حجة أصلا أي لا حجة لهم على ذلك عقلية ولا نقلية وإنما جنحوا فيه إلى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم، والأمة الدين والطريقة التي تؤم أي كالرحلة للرجل العظيم الذي يقصد في المهمات يقال: فلان لا أمة له أي لا دين ولا نحلة، قال الشاعر:
وهل يستوي ذو أمة وكفور
وقال
قيس بن الحطيم: كنا على أمة آبائنا ويقتدي بالأول الآخر
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي : الأمة الجماعة والمراد وجدنا آباءنا متوافقين على ذلك، والجمهور على الأول وعليه المعول، ويقال فيها إمة بكسر الهمزة أيضا وبها قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز .
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
والجحدري،
وقرأ
ابن عياش (أمة) بفتح الهمزة، قال في البحر: أي على قصد وحال، و
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22على آثارهم مهتدون قيل خبران لأن، وقيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22على آثارهم صلة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22مهتدون ومهتدون هو الخبر، هذا وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري الآية دليلا على أنه تعالى لم يشأ الكفر من الكافر وإنما شاء سبحانه الإيمان، وكفر أهل السنة القائلين بأن المقدورات كلها بمشيئة الله تعالى، ووجه ذلك بأن الكفار لما ادعوا أنه تعالى شاء منهم الكفر حيث قالوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20لو شاء الرحمن إلخ أي لو شاء جل جلاله منا أن نترك عبادة الأصنام تركناها رد الله تعالى ذلك عليهم وأبطل اعتقادهم بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20ما لهم بذلك من علم إلخ فلزم حقيقة خلافه وهو عين ما ذهب إليه، والجملة عطف على قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=15وجعلوا له من عباده جزءا أو على (جعلوا الملائكة) إلخ فيكون ما تضمنته كفرا آخر ويلزمه كفر القائلين بأن الكل بمشيئته عز وجل، ومما سمعت يعلم رده، وقيل: في رده أيضا: يجوز أن يكون ذلك إشارة إلى أصل الدعوى وهو جعل الملائكة عليهم السلام بنات الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا دون ما قصدوه من قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20لو شاء إلخ وما ذكر بعد أصل الدعوى من تتمتها فإنه حكاية شبهتهم المزيفة لأن العبادة للملائكة وإن كانت بمشيئته تعالى لكن ذلك لا ينافي كونها من أقبح القبائح المنهي عنها وهذا خلاف الظاهر.
وقال بعض الأجلة: إن كفرهم بذلك لأنهم قالوه على جهة الاستهزاء، ورده
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بأن السياق لا يدل على أنهم قالوه مستهزئين؛ على الله تعالى قد حكى عنهم على سبيل الذم والشهادة بالكفر أنهم جعلوا له سبحانه جزءا وأنه جل وعلا اتخذ بنات واصطفاهم بالبنين وأنهم جعلوا الملائكة المكرمين إناثا وأنهم عبدوهم وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم فلو كانوا ناطقين بها على طريق الهزء لكان النطق بالمحكيات قبل هذا المحكي الذي هو إيمان عنده لوجدوا بالنطق به مدحا لهم من قبل أنها كلمات كفر نطقوا بها على طريق الهزء فبقي أن يكونوا
[ ص: 74 ] جادين ويشترك كلها في أنها كلمات كفر، فإن جعلوا الأخير وحده مقولا على وجه الهزء دون ما قبله فما بهم إلا تعويج كتاب الله تعالى ولو كانت هذه كلمة حق نطقوا بها هزأ لم يكن لقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20ما لهم بذلك من علم إلخ معنى لأن الواجب فيمن تكلم بالحق استهزاء أن ينكر عليه استهزاؤه ولا يكذب، ولا يخفى أن رده بأنه لا يدل عليه السياق صحيح، وأما ما ذكر من حكاية الله سبحانه والتعويج فلا لأنه تعالى ما حكى عنهم قولا أولا بل أثبت لهم اعتقادا يتضمن قولا أو فعلا وقد بين أنهم مستخفون في ذلك العقد كما أنهم مستخفون في هذا القول فقوله: لو نطقوا إلخ لا مدخل له في السابق وليس فيه تعويج البتة من هذا الوجه وكذلك قوله: لم يكن لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20ما لهم إلخ معنى مردود لأن الاستهزاء باب من الجهل كما يدل عليه قول
موسى عليه السلام
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين وقد تقدم في البقرة، وأما الكذب فراجع إلى مضمونه والمراد منه كما سمعت فمن قال لا إله إلا الله استهزاء مكذب فيما يلزم من أنه إخبار عن إثبات التعدد لأنه إخبار عن التوحيد فافهم كذا في الكشف.
وفيه أيضا أن قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20لو شاء الرحمن إلخ فهم منه كونه كفرا من أوجه. أحدها أنه اعتذار عن عبادتهم الملائكة عليهم السلام التي هي كفر وإلزام أنه إذا كان بمشيئته تعالى لم يكن منكرا.
والثاني أن الكفر والإيمان بتصديق ما هو مضطر إلى العلم بثبوته بديهة أو استدلالا متعلقا بالمبدأ والمعاد وتكذيبه لا بإيقاع الفعل على وفق المشيئة وعدمه.
والثالث أنهم دفعوا قول الرسول بدعوتهم إلى عبادته تعالى ونهيهم عن عبادة غيره سبحانه بهذه المقالة ثم إنهم ملزمون على مساق هذا القول لأنه إذا استند الكل إلى مشيئته تعالى شأنه فقد شاء إرسال الرسل وشاء دعوتهم للعباد وشاء سبحانه جحودهم وشاء جل وعلا دخولهم النار فالإنكار والدفع بعد هذا القول دليل على أنهم قالوه لا عن اعتقاد بل مجازفة، وإليه الإشارة بقوله تعالى في مثله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين وفيه أنهم يعجزون الخالق بإثبات التمانع بين المشيئة وضد المأمور به فيلزم أن لا يريد إلا ما أمر سبحانه به ولا ينهى جل شأنه إلا وهو سبحانه لا يريده وهذا تعجيز من وجهين. إخراج بعض المقدورات عن أن يصير محلها وتضييق محل أمره ونهيه وهذا بعينه مذهب إخوانهم من القدرية ولهذه النكتة جعل قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم معتمد الكلام ولم يقل: وعبدوا الملائكة وقالوا: لو شاء ونظير قولهم في أنه إنما أتى به لدفع ما علم ضرورة قوله تعالى عنهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فالدفع كفر والتعجيز كفر في كفر، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20ما لهم بذلك من علم يحتمل أن يرجع إلى جميع ما سبق من قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=15وجعلوا له من عباده إلى هذا المقام ويحتمل أن يرجع إلى الأخير فقد ثبت أنهم قالوه من غير علم وهو الأظهر للقرب وتعقيب كل بإنكار مستقل وطباقه لما في الأنعام، وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20إن هم إلا يخرصون على هذا التكذيب المفهوم منه راجع إلى استنتاج المقصود من هذه اللزومية فقد سبق أنها عليهم لا لهم ولوح إلى طرف منه في سورة الأنعام أو إلى الحكم بامتناع الانفكاك مع تجويز
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم الانفكاك حال حكمه فإن ذلك يدل على كذبه وإن كان ذلك الحكم في نفسه حقا صحيحا يحق أن يعلم كما تقول زيد قائم قطعا أو البتة وعندك احتمال نقيضه.
وليس هذا رجوعا إلى مذهب من جعل الصدق بطباقه للمعتقد فافهم، على أنه لما كان اعتذارا على ما مر صح أن يرجع التكذيب إلى أنه لا يصلح اعتذارا أي إنهم كاذبون في أن المشيئة تقتضي طباق الأمر لها، وهذا ما آثره
[ ص: 75 ] الإمام. والعلامة. والقاضي، والظاهر ما قدمناه. وتعقيب الخرص على وجه البيان أو الاستئناف عن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20ما لهم بذلك من علم وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إن يتبعون إلا الظن في سورة الأنعام دليل على ما أشرنا فقد لاح للمسترشد أن الآية تصلح حجة لأهل السنة لا للمعتزلة وقال في آية سورة الأنعام: إن قولهم هذا إما لدعوى المشروعية ردا للرسل أو لتسليم أنهم على الباطل اعتذارا بأنهم مجبورون، والأول باطل لأن المشيئة تتعلق بفعلهم المشروع وغيره فما شاء الله تعالى أن يقع منهم مشروعا وقع كذلك وما شاء الله تعالى أن يقع لا كذلك وقع لا كذلك.
ولا شك أن من توهم أن كون الفعل بمشيئته تعالى ينافي مجيء الرسل عليهم السلام بخلاف ما عليه المباشر من الكفر والضلال فقد كذب التكذيب كله وهو كاذب في استنتاج المقصود من هذه اللزومية، وظاهر الآية مسوق لهذا المعنى، والثاني على ما فيه من حصول المقصود وهو الاعتراف بالبطلان باطل أيضا إذ لا
جبر لأن المشيئة تعلقت بأن يشركوا اختيارا منهم والعلم تعلق كذلك فهو يؤكد دفع القدر لا أنه يحققه وإليه الإشارة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قل فلله الحجة البالغة ثم إنهم كاذبون في هذا القول لجزمهم حيث لا ظن مطلقا فضلا عن العلم وذلك لأن من المعلوم أن العلم بصفات الله سبحانه فرع العلم بذاته جل وعلا والإيمان بها كذلك والمحتجون به كفرة مشركون مجسمون، ونقل
العلامة الطيبي نحوا من الكلام الأخير عن إمام الحرمين عليه الرحمة في الإرشاد اهـ.
وقد أطال العلماء الأعلام الكلام في هذا المقام وأرى الرجل سقى الله تعالى مرقده صيب الرضوان قد مخض كل ذلك وأتى بزبده بل لم يترك من التحقيق شيئا لمن أتى من بعده فتأمل والله عز وجل هو الموفق.
وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_30578_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ إِبْطَالٌ لِأَنْ يَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلًا أَيْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَقْلِيَّةً وَلَا نَقْلِيَّةً وَإِنَّمَا جَنَحُوا فِيهِ إِلَى تَقْلِيدِ آبَائِهِمُ اَلْجَهَلَةِ مِثْلِهِمْ، وَالْأُمَّةُ اَلدِّينُ وَالطَّرِيقَةُ اَلَّتِي تُؤَمُّ أَيْ كَالرِّحْلَةِ لِلرَّجُلِ اَلْعَظِيمِ اَلَّذِي يُقْصَدُ فِي اَلْمُهِمَّاتِ يُقَالُ: فُلَانٌ لَا أُمَّةَ لَهُ أَيْ لَا دِينَ وَلَا نِحْلَةَ، قَالَ اَلشَّاعِرُ:
وَهَلْ يَسْتَوِي ذُو أُمَّةٍ وَكَفُورُ
وَقَالَ
قَيْسُ بْنُ اَلْحَطِيمِ: كُنَّا عَلَى أُمَّةِ آبَائِنَا وَيَقْتَدِي بِالْأَوَّلِ اَلْآخِرُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13980اَلْجُبَّائِيُّ : اَلْأُمَّةُ اَلْجَمَاعَةُ وَالْمُرَادُ وَجَدْنَا آبَاءَنَا مُتَوَافِقِينَ عَلَى ذَلِكَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى اَلْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ اَلْمُعَوَّلُ، وَيُقَالُ فِيهَا إِمَّةٌ بِكَسْرِ اَلْهَمْزَةِ أَيْضًا وَبِهَا قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ .
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ .
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ .
وَالْجَحْدَرِيُّ،
وَقَرَأَ
اِبْنُ عَيَّاشٍ (أَمَّةٍ) بِفَتْحِ اَلْهَمْزَةِ، قَالَ فِي اَلْبَحْرِ: أَيْ عَلَى قَصْدٍ وَحَالٍ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ قِيلَ خَبَرَانِ لِأَنَّ، وَقِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22عَلَى آثَارِهِمْ صِلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22مُهْتَدُونَ وَمُهْتَدُونَ هُوَ اَلْخَبَرُ، هَذَا وَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423اَلزَّمَخْشَرِيُّ اَلْآيَةَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأِ اَلْكُفْرَ مِنَ اَلْكَافِرِ وَإِنَّمَا شَاءَ سُبْحَانَهُ اَلْإِيمَانَ، وَكَفَّرَ أَهْلُ اَلسُّنَّةِ اَلْقَائِلِينَ بِأَنَّ اَلْمَقْدُورَاتِ كُلَّهَا بِمَشِيئَةِ اَللَّهِ تَعَالَى، وَوَجَّهَ ذَلِكَ بِأَنَّ اَلْكُفَّارَ لَمَّا اِدَّعَوْا أَنَّهُ تَعَالَى شَاءَ مِنْهُمُ اَلْكُفْرَ حَيْثُ قَالُوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ إِلَخْ أَيْ لَوْ شَاءَ جَلَّ جَلَالُهُ مِنَّا أَنْ نَتْرُكَ عِبَادَةَ اَلْأَصْنَامِ تَرَكْنَاهَا رَدَّ اَللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَبْطَلَ اِعْتِقَادَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِلَخْ فَلَزِمَ حَقِيقَةُ خِلَافِهِ وَهُوَ عَيْنُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=15وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا أَوْ عَلَى (جَعَلُوا اَلْمَلَائِكَةَ) إِلَخْ فَيَكُونُ مَا تَضَمَّنَتْهُ كُفْرًا آخَرَ وَيَلْزَمُهُ كُفْرُ اَلْقَائِلِينَ بِأَنَّ اَلْكُلَّ بِمَشِيئَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِمَّا سَمِعْتَ يُعْلَمُ رَدُّهُ، وَقِيلَ: فِي رَدِّهِ أَيْضًا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى أَصْلِ اَلدَّعْوَى وَهُوَ جَعْلُ اَلْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلَامُ بَنَاتِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا دُونَ مَا قَصَدُوهُ مِنْ قَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20لَوْ شَاءَ إِلَخْ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَ أَصْلِ اَلدَّعْوَى مِنْ تَتِمَّتِهَا فَإِنَّهُ حِكَايَةُ شُبْهَتِهِمُ اَلْمُزَيَّفَةِ لِأَنَّ اَلْعِبَادَةَ لِلْمَلَائِكَةِ وَإِنْ كَانَتْ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا مِنْ أَقْبَحِ اَلْقَبَائِحِ اَلْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَهَذَا خِلَافُ اَلظَّاهِرِ.
وَقَالَ بَعْضُ اَلْأَجِلَّةِ: إِنَّ كُفْرَهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوهُ عَلَى جِهَةِ اَلِاسْتِهْزَاءِ، وَرَدَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423اَلزَّمَخْشَرِيُّ بِأَنَّ اَلسِّيَاقَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوهُ مُسْتَهْزِئِينَ؛ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى قَدْ حَكَى عَنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ اَلذَّمِّ وَالشَّهَادَةِ بِالْكُفْرِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهُ سُبْحَانَهُ جُزْءًا وَأَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا اِتَّخَذَ بَنَاتٍ وَاصْطَفَاهُمْ بِالْبَنِينَ وَأَنَّهُمْ جَعَلُوا اَلْمَلَائِكَةَ اَلْمُكْرَمِينَ إِنَاثًا وَأَنَّهُمْ عَبَدُوهُمْ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ اَلرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ فَلَوْ كَانُوا نَاطِقِينَ بِهَا عَلَى طَرِيقِ اَلْهَزْءِ لَكَانَ اَلنُّطْقُ بِالْمَحْكِيَّاتِ قَبْلَ هَذَا اَلْمَحْكِيِّ اَلَّذِي هُوَ إِيمَانٌ عِنْدَهُ لَوَجَدُوا بِالنُّطْقِ بِهِ مَدْحًا لَهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا كَلِمَاتُ كُفْرٍ نَطَقُوا بِهَا عَلَى طَرِيقِ اَلْهَزْءِ فَبَقِيَ أَنْ يَكُونُوا
[ ص: 74 ] جَادِّينَ وَيَشْتَرِكُ كُلُّهَا فِي أَنَّهَا كَلِمَاتُ كُفْرٍ، فَإِنْ جَعَلُوا اَلْأَخِيرَ وَحْدَهُ مَقُولًا عَلَى وَجْهِ اَلْهَزْءِ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَمَا بِهِمْ إِلَّا تَعْوِيجُ كِتَابِ اَللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ كَلِمَةُ حَقٍّ نَطَقُوا بِهَا هُزُأً لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِلَخْ مَعْنًى لِأَنَّ اَلْوَاجِبَ فِيمَنْ تَكَلَّمَ بِالْحَقِّ اِسْتِهْزَاءً أَنْ يُنْكَرَ عَلَيْهِ اِسْتِهْزَاؤُهُ وَلَا يُكَذَّبَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اَلسِّيَاقِ صَحِيحٌ، وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ حِكَايَةِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَالتَّعْوِيجِ فَلَا لِأَنَّهُ تَعَالَى مَا حَكَى عَنْهُمْ قَوْلًا أَوَّلًا بَلْ أَثْبَتَ لَهُمُ اِعْتِقَادًا يَتَضَمَّنُ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُمْ مُسْتَخِفُّونَ فِي ذَلِكَ اَلْعَقْدِ كَمَا أَنَّهُمْ مُسْتَخِفُّونَ فِي هَذَا اَلْقَوْلِ فَقَوْلُهُ: لَوْ نَطَقُوا إِلَخْ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي اَلسَّابِقِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعْوِيجٌ اَلْبَتَّةَ مِنْ هَذَا اَلْوَجْهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20مَا لَهُمْ إِلَخْ مَعْنًى مَرْدُودٌ لِأَنَّ اَلِاسْتِهْزَاءَ بَابٌ مِنَ اَلْجَهْلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ
مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اَلْبَقَرَةِ، وَأَمَّا اَلْكَذِبُ فَرَاجِعٌ إِلَى مَضْمُونِهِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ كَمَا سَمِعْتَ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ اِسْتِهْزَاءً مُكَذَّبٌ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ إِثْبَاتِ اَلتَّعَدُّدِ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ اَلتَّوْحِيدِ فَافْهَمْ كَذَا فِي اَلْكَشْفِ.
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ إِلَخْ فُهِمْ مِنْهُ كَوْنُهُ كُفْرًا مِنْ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا أَنَّهُ اِعْتِذَارٌ عَنْ عِبَادَتِهِمُ اَلْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلَامُ اَلَّتِي هِيَ كُفْرٌ وَإِلْزَامٌ أَنَّهُ إِذَا كَانَ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا.
وَالثَّانِي أَنَّ اَلْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ بِتَصْدِيقِ مَا هُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى اَلْعِلْمِ بِثُبُوتِهِ بَدِيهَةً أَوِ اِسْتِدْلَالًا مُتَعَلِّقًا بِالْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ وَتَكْذِيبَهُ لَا بِإِيقَاعِ اَلْفِعْلِ عَلَى وَفْقِ اَلْمَشِيئَةِ وَعَدَمِهِ.
وَالثَّالِثُ أَنَّهُمْ دَفَعُوا قَوْلَ اَلرَّسُولِ بِدَعْوَتِهِمْ إِلَى عِبَادَتِهِ تَعَالَى وَنَهْيِهِمْ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ بِهَذِهِ اَلْمَقَالَةِ ثُمَّ إِنَّهُمْ مُلْزَمُونَ عَلَى مَسَاقِ هَذَا اَلْقَوْلِ لِأَنَّهُ إِذَا اِسْتَنَدَ اَلْكُلُّ إِلَى مَشِيئَتِهِ تَعَالَى شَأْنُهُ فَقَدْ شَاءَ إِرْسَالُ اَلرُّسُلِ وَشَاءَ دَعْوَتَهُمْ لِلْعِبَادِ وَشَاءَ سُبْحَانَهُ جُحُودَهُمْ وَشَاءَ جَلَّ وَعَلَا دُخُولَهُمُ اَلنَّارَ فَالْإِنْكَارُ وَالدَّفْعُ بَعْدَ هَذَا اَلْقَوْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوهُ لَا عَنِ اِعْتِقَادٍ بَلْ مُجَازَفَةٌ، وَإِلَيْهِ اَلْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي مَثَلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ وَفِيهِ أَنَّهُمْ يَعْجِزُونَ اَلْخَالِقَ بِإِثْبَاتِ اَلتَّمَانُعِ بَيْنَ اَلْمَشِيئَةِ وَضِدِّ اَلْمَأْمُورِ بِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يُرِيدَ إِلَّا مَا أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِهِ وَلَا يَنْهَى جَلَّ شَأْنُهُ إِلَّا وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يُرِيدُهُ وَهَذَا تَعْجِيزٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. إِخْرَاجِ بَعْضِ اَلْمَقْدُورَاتِ عَنْ أَنْ يَصِيرَ مَحَلُّهَا وَتَضْيِيقِ مَحَلِّ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَذْهَبُ إِخْوَانِهِمْ مِنَ اَلْقَدَرِيَّةِ وَلِهَذِهِ اَلنُّكْتَةِ جُعِلَ قَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مُعْتَمَدَ اَلْكَلَامِ وَلَمْ يَقُلْ: وَعَبَدُوا اَلْمَلَائِكَةَ وَقَالُوا: لَوْ شَاءَ وَنَظِيرُ قَوْلِهِمْ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا أَتَى بِهِ لِدَفْعِ مَا عُلِمَ ضَرُورَةً قَوْلُهُ تَعَالَى عَنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَالدَّفْعُ كُفْرٌ وَالتَّعْجِيزُ كُفْرٌ فِي كُفْرٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ يَحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=15وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَى هَذَا اَلْمَقَامِ وَيَحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى اَلْأَخِيرِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ قَالُوهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ اَلْأَظْهَرُ لِلْقُرْبِ وَتَعْقِيبُ كُلٍّ بِإِنْكَارٍ مُسْتَقِلٍّ وَطِبَاقُهُ لِمَا فِي اَلْأَنْعَامِ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ عَلَى هَذَا اَلتَّكْذِيبِ اَلْمَفْهُومِ مِنْهُ رَاجِعٌ إِلَى اِسْتِنْتَاجِ اَلْمَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ اَللُّزُومِيَّةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهَا عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ وَلَوَّحَ إِلَى طَرَفٍ مِنْهُ فِي سُورَةِ اَلْأَنْعَامِ أَوْ إِلَى اَلْحُكْمِ بِامْتِنَاعِ اَلِانْفِكَاكِ مَعَ تَجْوِيزِ
nindex.php?page=showalam&ids=14070اَلْحَاكِمِ اَلِانْفِكَاكَ حَالَ حُكْمِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ اَلْحُكْمُ فِي نَفْسِهِ حَقًّا صَحِيحًا يَحِقُّ أَنْ يُعْلَمَ كَمَا تَقُولُ زَيْدٌ قَائِمٌ قَطْعًا أَوِ اَلْبَتَّةَ وَعِنْدَكَ اِحْتِمَالُ نَقِيضِهِ.
وَلَيْسَ هَذَا رُجُوعًا إِلَى مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَ اَلصِّدْقَ بِطِبَاقِهِ لِلْمُعْتَقَدِ فَافْهَمْ، عَلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ اِعْتِذَارًا عَلَى مَا مَرَّ صَحَّ أَنْ يَرْجِعَ اَلتَّكْذِيبُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ اِعْتِذَارًا أَيْ إِنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي أَنَّ اَلْمَشِيئَةَ تَقْتَضِي طِبَاقَ اَلْأَمْرِ لَهَا، وَهَذَا مَا آثَرَهُ
[ ص: 75 ] اَلْإِمَامُ. وَالْعَلَامَةُ. وَالْقَاضِي، وَالظَّاهِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ. وَتَعْقِيبُ اَلْخَرْصِ عَلَى وَجْهِ اَلْبَيَانِ أَوِ اَلِاسْتِئْنَافِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ فِي سُورَةِ اَلْأَنْعَامِ دَلِيلٌ عَلَى مَا أَشَرْنَا فَقَدْ لَاحَ لِلْمُسْتَرْشِدِ أَنَّ اَلْآيَةَ تَصْلُحُ حُجَّةً لِأَهْلِ اَلسُّنَّةِ لَا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَقَالَ فِي آيَةِ سُورَةِ اَلْأَنْعَامِ: إِنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا إِمَّا لِدَعْوَى اَلْمَشْرُوعِيَّةِ رَدًّا لِلرُّسُلِ أَوْ لِتَسْلِيمِ أَنَّهُمْ عَلَى اَلْبَاطِلِ اِعْتِذَارًا بِأَنَّهُمْ مَجْبُورُونَ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ اَلْمَشِيئَةَ تَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِمُ اَلْمَشْرُوعِ وَغَيْرِهِ فَمَا شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقَعَ مِنْهُمْ مَشْرُوعًا وَقَعَ كَذَلِكَ وَمَا شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقَعَ لَا كَذَلِكَ وَقَعَ لَا كَذَلِكَ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ كَوْنَ اَلْفِعْلِ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى يُنَافِي مَجِيءَ اَلرُّسُلِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلَامُ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ اَلْمُبَاشَرُ مِنَ اَلْكُفْرِ وَالضَّلَالِ فَقَدْ كَذَّبَ اَلتَّكْذِيبَ كُلَّهُ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي اِسْتِنْتَاجِ اَلْمَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ اَللُّزُومِيَّةِ، وَظَاهِرُ اَلْآيَةِ مَسُوقٌ لِهَذَا اَلْمَعْنَى، وَالثَّانِي عَلَى مَا فِيهِ مِنْ حُصُولِ اَلْمَقْصُودِ وَهُوَ اَلِاعْتِرَافُ بِالْبُطْلَانِ بَاطِلٌ أَيْضًا إِذْ لَا
جَبْرَ لِأَنَّ اَلْمَشِيئَةَ تَعَلَّقَتْ بِأَنْ يُشْرِكُوا اِخْتِيَارًا مِنْهُمْ وَالْعِلْمُ تَعَلَّقَ كَذَلِكَ فَهُوَ يُؤَكِّدُ دَفْعَ اَلْقَدَرِ لَا أَنَّهُ يُحَقِّقُهُ وَإِلَيْهِ اَلْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ثُمَّ إِنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي هَذَا اَلْقَوْلِ لِجَزْمِهِمْ حَيْثُ لَا ظَنَّ مُطْلَقًا فَضْلًا عَنِ اَلْعِلْمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنَ اَلْمَعْلُومِ أَنَّ اَلْعِلْمَ بِصِفَاتِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ فَرْعُ اَلْعِلْمِ بِذَاتِهِ جَلَّ وَعَلَا وَالْإِيمَانُ بِهَا كَذَلِكَ وَالْمُحْتَجُّونَ بِهِ كَفَرَةٌ مُشْرِكُونَ مُجَسِّمُونَ، وَنَقَلَ
اَلْعَلَّامَةُ اَلطَّيِّبِيُّ نَحْوًا مِنَ اَلْكَلَامِ اَلْأَخِيرِ عَنْ إِمَامِ اَلْحَرَمَيْنِ عَلَيْهِ اَلرَّحْمَةُ فِي اَلْإِرْشَادِ اهـ.
وَقَدْ أَطَالَ اَلْعُلَمَاءُ اَلْأَعْلَامُ اَلْكَلَامَ فِي هَذَا اَلْمَقَامِ وَأَرَى اَلرَّجُلَ سَقَى اَللَّهُ تَعَالَى مَرْقَدَهُ صَيِّبَ اَلرِّضْوَانِ قَدْ مَخَضَ كُلَّ ذَلِكَ وَأَتَى بِزُبْدِهِ بَلْ لَمْ يَتْرُكْ مِنَ اَلتَّحْقِيقِ شَيْئًا لِمَنْ أَتَى مِنْ بَعْدِهِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ اَلْمُوَفِّقُ.