وقرأ عبد الله . . وابن عباس . والأعمش وسفيان (معايشهم) على الجمع في الحياة الدنيا قسمة تقتضيها مشيئتنا المبنية على الحكم والمصالح ولم نفوض أمرها إليهم علما منا بعجزهم عن تدبيرها بالكلية وإطلاق المعيشة يقتضي أن يكون حلالها وحرامها من الله تعالى: ورفعنا بعضهم فوق بعض في الرزق وسائر مبادئ المعاش درجات متفاوتة بحسب القرب والبعد حسبما تقتضيه الحكمة فمن ضعيف وقوي وغني وفقير وخادم ومخدوم وحاكم ومحكوم ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ليستعمل بعضهم بعضا في مصالحهم ويستخدموهم في مهنهم ويسخروهم في أشغالهم حتى يتعايشوا ويترافدوا ويصلوا إلى مرافقهم لا لكمال في الموسع عليه ولا لنقص في المقتر عليه ولو فوضنا ذلك إلى تدبيرهم لضاعوا وهلكوا فإذا كانوا في تدبير خويصة أمرهم وما يصلحهم من متاع الدنيا الدنية وهو على طرف التمام بهذه الحالة فما ظنهم بأنفسهم في تدبير أمر الدين وهو أبعد من مناط العيوق ومن أين لهم البحث عن أمر النبوة والتخير لها من يصلح لها ويقوم بأمرها، والسخري على ما سمعت نسبة إلى السخرة وهي التذليل والتكليف، وقال السخري هو الذي يقهر أن يتسخر بإرادته، وزعم بعضهم أنه هنا من السخر بمعنى الهزء أي ليهزأ الغني بالفقير واستبعده الراغب: . وقال أبو حيان إنه غير مناسب للمقام. السمين:
وقرأ عمرو بن ميمون . وابن محيصن. . وابن أبي ليلى . وأبو رجاء والوليد بن مسلم (سخريا) بكسر السين والمراد به ما ذكرنا أيضا، وفي قوله تعالى: نحن قسمنا إلخ ما يزهد في الانكباب على طلب الدنيا ويعين على التوكل [ ص: 79 ] على الله عز وجل والانقطاع إليه جل جلاله:
فاعتبر نحن قسمنا بينهم تلقه حقا وبالحق نزل
ورحمت ربك أي النبوة وما يتبعها من سعادة الدارين، وقيل: الهداية والإيمان، وقال . قتادة : الجنة والسدي خير مما يجمعون من حطام الدنيا الدنية فالعظيم من رزق تلك الرحمة دون ذلك الحطام الدنيء الفاني.