وفي رواية تقدمت رواها جماعة وصححها عن الحاكم محمد بن زياد أنها كذبته ثلاثا ثم قالت: والله ما هو به تعني أخاها ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته إلى آخر ما مر، وكان ذلك من فضض اللعنة إغاظة لعبد الرحمن وتنفيرا للناس عنه لئلا يلتفتوا إلى ما قاله وما قال إلا حقا فأين يزيد الذي تجل اللعنة عنه وأين الخلافة.
ووافق بعضهم كالسهيلي في الإعلام مروان في زعم نزولها في عبد الرحمن ، وعلى تسليم ذلك لا معنى للتعيير لا سيما من مروان فإن الرجل أسلم وكان من أفاضل الصحابة وأبطالهم وكان له في الإسلام غناء يوم اليمامة وغيره والإسلام يجب ما قبله فالكافر إذا أسلم لا ينبغي أن يعير بما كان يقول أتعدانني أن أخرج أبعث من القبر بعد الموت وقرأ الحسن وعاصم في رواية وأبو عمرو وهشام (أتعداني) بإدغام نون الرفع في نون الوقاية، وقرأ في رواية وجماعة بنون واحدة، وقرأ نافع الحسن وشيبة بخلاف عنه، وأبو جعفر وعبد الوارث عن أبي عمرو وهارون بن موسى عن الجحدري، وبسام عن هشام (أتعدانني) بنونين من غير إدغام ومع فتح الأولى كأنهم فروا من اجتماع الكسرتين والياء ففتحوا للتخفيف، وقال : فتح النون باطل غلط، وقال بعضهم: فتح نون التثنية لغة رديئة وهون الأمر هنا الاجتماع، وقرأ أبو حاتم الحسن وابن يعمر والأعمش وابن مصرف (أخرج) مبنيا للفاعل من الخروج والضحاك وقد خلت القرون من قبلي أي مضت ولم يخرج منها أحد ولا بعث فالمراد إنكار البعث كما قيل:
[ ص: 21 ]
ما جاءنا أحد يخبر أنه في جنة لما مضى أو نار
وقال أبو سليمان الدمشقي : أراد: وقد خلت القرون من قبلي مكذبة بالبعث، فالكلام كالاستدلال على نفي البعث.
وهما يستغيثان الله أي يقولان: الغياث بالله تعالى منك، والمراد إنكار قوله واستعظامه كأنهما لجآ إلى الله سبحانه في دفعه كما يقال: العياذ بالله تعالى من كذا أو يطلبان من الله عز وجل أن يغيثه بالتوفيق حتى يرجع عما هو عليه من إنكار البعث ويلك آمن أي قائلين أو يقولون له ذلك، وأصل (ويل) دعاء بالثبور يقام مقام الحث على الفعل أو تركه إشعارا بأن ما هو متركب له حقيق بأن يهلك مرتكبه وأن يطلب له الهلاك فإذا أسمع ذلك كان باعثا على ترك ما هو فيه والأخذ بما ينجيه، وقيل: إن ذلك لأن فيه إشعارا بأن الفعل الذي أمر به مما يحسد عليه فيدعى عليه بالثبور فإذا سمع ذلك رغب فيه، وأيا ما كان فالمراد هنا الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الدعاء بالهلاك إن وعد الله حق أي البعث، وأضاف الوعد إليه تعالى تحقيقا للحق وتنبها على خطئه في إسناد الوعد إليهما. وقرأ الأعرج وعمرو بن فائد (أن) بفتح الهمزة على تقدير لأن أو آمن بأن وعد الله حق، ورجح الأول بأن فيه توافق القراءتين فيقول مكذبا لهما ما هذا الذي تسميانه وعد الله تعالى إلا أساطير الأولين أباطيلهم التي سطروها في الكتب من غير أن يكون لها حقيقة