ما يبدل القول لدي إلخ ويكون بالوعيد متعلقا بمحذوف هو حال من المفعول قدم عليه أو الفاعل أي وقد قدمت إليكم هذا القول ملتبسا بالوعيد مقترنا به أو قدمته إليكم موعدا لكم فلا تطمعوا أن أبدل وعيدي ، والأظهر استئناف هذه الجملة . وفي ( لدي ) على ما قال الإمام وجهان : الأول أن يكون متعلقا بالقول أي ما يبدل القول الذي عندي . الثاني أن يكون متعلقا بالفعل قبل أي لا يقع التبديل عندي ، قال : وعلى الأول في القول الذي لديه تعالى وجوه .
أحدها قوله تعالى : ألقيا أرادوا باعتذارهم أن يبدل ويقول سبحانه : لا تلقيا فرد عليهم .
[ ص: 187 ] ثانيها قوله سبحانه لإبليس : لأملأن إلخ . ثالثها الإيعاد مطلقا . رابعها القول السابق يوم خلق العباد هذا سعيد وهذا شقي . وعلى الثاني في معنى الآية وجوه أيضا . أحدها لا يكذب لدي فإني عالم علمت من طغى ومن أطغى فلا يفيد قولكم أطغاني شيطاني وقول الشيطان : ربنا ما أطغيته ثانيها لو أردتم أن لا أقول : فألقياه كنتم أبدلتم الكفر بالإيمان قبل أن تقفوا بين يدي وأما الآن فما يبدل القول لدي . ثالثها لا يبدل القول الكفر بالإيمان لدي فإن الإيمان عند اليأس غير مقبول فقولكم : ربنا وإلهنا لا يفيدكم فمن تكلم بكلمة الكفر لا يفيده قوله : ربنا ما أشركنا وقوله : ربنا آمنا . والمشهور أن ( لدي ) متعلق بالفعل على أن المراد بالقول ما يشمل الوعد والوعيد.
واستدل به بعض من قال بعدم جواز تخلفهما مطلقا . وأجاب من قال بجواز العفو عن بعض المذنبين بأن ذلك العفو ليس بتبديل فإن دلائل العفو تدل على تخصيص الوعيد ، وقال بعض المحققين : المراد نفي أن يوقع أحد التبديل لديه تعالى أي في علمه سبحانه أو يبدل القول الذي علمه عز وجل ، فإن ما عنده تبارك وتعالى هو ما في نفس الأمر وهو لا يقبل التبديل أصلا ، وأكثر الوعيدات معلقة بشرط المشيئة على ما يقتضيه الكرم وإن لم يذكر على ما يقتضيه الترهيب ، فمتى حصل العفو لعدم مشيئته التعذيب لم يكن هناك تبديل ما في نفس الأمر فتدبره فإنه دقيق وما أنا بظلام للعبيد وارد لتحقيق الحق على أبلغ وجه ، وفيه إشارة إلى أن تعذيب من يعذب من العبيد إنما هو عن استحقاق في نفس الأمر ، وقد تقدم تمام الكلام في هذه الجملة فتذكر .