نقبوا في البلاد من حذر المو ت وجالوا في الأرض كل مجال
ولامرئ القيس :
وقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
وروي وقد طوفت ، وأخرج الطستي عن أن ابن عباس نافع بن الأزرق سأله عن ذلك فقال : هو هربوا بلغة اليمن ، وأنشد له بيت الحرث المذكور لكنه نسبه لهدى بن زيد ، وفسر التنقيب في البلاد بالتصرف فيها بملكها ونحوه، وشاع التنقيب في العرف بمعنى التنقير عن الشيء والبحث عن أحواله ، ومنه قوله تعالى : وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا التنقيب بالسير ونحوه المروي عن لمجرد التعقيب ، وعلى تفسيره بالتصرف للسببية لأن تصرفهم في البلاد مسبب عن اشتداد بطشهم وهي على الوجهين عاطفة على معنى ما قبلها كأنه قيل : اشتد بطشهم فنقبوا وقيل : هي على ما تقدم أيضا للسببية والعطف على ( أهلكنا ) على أن المراد أخذنا في إهلاكهم فنقبوا في البلاد ابن عباس هل من محيص على إضمار قول هو حال من واو (نقبوا) أي قائلين هل لنا مخلص من الله تعالى أو من الموت؟ أو على إجراء التنقيب لما فيه من معنى التتبع والتفتيش مجرى القول على ما قيل أو هو كلام مستأنف لنفي أن يكون لهم محيص أي هل لهم مخلص من الله عز وجل أو من الموت ، وقيل : ضمير (نقبوا) لأهل مكة أي ساروا في مسايرهم وأسفارهم في بلاد القرون المهلكة فهل رأوا لهم محيصا حتى يؤملوا مثله لأنفسهم .
وأيد بقراءة ابن عباس وابن يعمر وأبي العالية ونصر بن سيار وأبي حيوة عن والأصمعي (فنقبوا) على صيغة الأمر لأن الأمر للحاضر وقت النزول من الكفار وهم أهل أبي عمرو مكة لا غير ، والأصل توافق القراءتين وفيه على هذه القراءة التفات من الغيبة إلى الخطاب ، وقرأ أيضا ابن عباس وعبيد عن ( أبي عمرو فنقبوا ) بفتح القاف مخففة ، والمعنى كما في المشددة ، وقرئ بكسر القاف خفيفة من النقب محركا ، وهو أن ينتقب خف البعير ويرق من كثرة السير ، قال الراجز :
أقسم بالله أبو حفص عمر ما مسها من نقب ولا دبر
والكلام بتقدير مضاف أي نقبت أقدامهم ، ونقب الإقدام كناية مشهورة عن كثرة السير فيؤول المعنى إلى أنهم أكثروا السير في البلاد أو نقبت أخفاف مراكبهم والمراد كثرة السير أيضا ، وقد يستغنى عن التقدير بجعل الإسناد مجازيا