ولئن قتلتم أيها المؤمنون في سبيل الله أي في الجهاد أو متم حتف الأنف وأنتم متلبسون به فعلا أو نية .
لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون (157) أي الكفار من منافع الدنيا ولذاتها مدة أعمارهم ، وهذا ترغيب للمؤمنين في الجهاد ، وأنه مما يجب أن يتنافس فيه المتنافسون ، وفيه تعزية لهم وتسلية مما أصابهم في سبيل الله تعالى إثر إبطال ما عسى أن يثبطهم عن إعلاء كلمة الله تعالى ، واللام الأولى هي موطئة للقسم ، والثانية واقعة في جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ووفائه بمعناه ، ومغفرة مبتدأ ، و (من) متعلقة بمحذوف وقع صفة لها ، ووصفت بذلك إظهارا للاعتناء بها ورمزا إلى تحقق وقوعها ، وذهب غير واحد إلى تقدير صفة أخرى أي لمغفرة لكم من الله ، وحذفت صفة رحمة لدلالة المذكور عليها ، والتنوين فيهما للتقليل ، ولا ينافي ذلك ما يشير إليه الوصف ، وثبوت أصل الخيرية لما يجمعه الكفار كما يقتضيه أفعل التفضيل ، إما بناء على أن الذي يجمعونه في الدنيا قد يكون من الحلال الذي يعد خيرا في نفس الأمر ، وإما أن ذلك وارد [ ص: 105 ] على حسب قولهم ومعتقدهم أن تلك الأموال خير ، وجوز في (ما) أن تكون موصولة ، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف ، أو مصدرية ويكون المفعول حينئذ محذوفا أي من جمعهم المال ، وقرأ وأهل نافع الكوفة - غير – (متم) بالكسر ، ووافقهم حفص في سائر المواضع إلا ههنا ، وقرأ الباقون بضم الميم وهو على الأول من مات يمات مثل خفتم من خاف يخاف ، وعلى الثاني من مات يموت مثل كنتم من كان يكون ، وقرأ عاصم حفص عن (يجمعون) بالياء على صيغة الغيبة ، وقرأ الباقون (تجمعون) بالتاء على صيغة الخطاب ، والضمير للمؤمنين ، وقدم القتل على الموت لأنه أكثر ثوابا وأعظم عند الله تعالى ، فترتب المغفرة والرحمة عليه أقوى . عاصم