لا يقاتلونكم [ ص: 58 ]
أي اليهود والمنافقون ، وقيل : اليهود يعني لا يقتدرون على قتالكم جميعا أي مجتمعين متفقين في موطن من المواطن إلا في قرى محصنة بالدروب والخنادق ونحوها أو من وراء جدر يتسترون بها دون أن يصحروا لكم ويبارزوكم لقذف الله تعالى الرعب في قلوبهم ومزيد رهبتهم منكم .
وقرأ أبو رجاء والحسن «جدر » بإسكان الدال تخفيفا ، ورويت عن وابن وثاب ابن كثير وعاصم ، وقرأ والأعمش أبو عمرو في الرواية المشهورة وكثير من المكيين جدار بكسر الجيم وألف بعد الدال وهي مفرد الجدر ، والقصد فيه إلى الجنس ، أو المراد به السور الجامع للجدر والحيطان . وابن كثير
وقرأ جمع من المكيين وهارون عن ابن كثير «جدر » بفتح الجيم وسكون الدال ، قال صاحب اللوامح : وهو الجدار بلغة اليمن ، وقال : معناه أصل بنيان كسور وغيره ، ثم قال : ويحتمل أن يكون من جدر النخل أي من وراء نخلهم إذ هي مما يتقى به عند المصافة ابن عطية بأسهم بينهم شديد استئناف سيق لبيان أن ما ذكر من رهبتهم ليس لضعفهم وجبنهم في أنفسهم فإن بأسهم إذا اقتتلوا شديد وإنما ضعفهم وجبنهم بالنسبة إليكم بما قذف الله تعالى في قلوبهم من الرعب تحسبهم جميعا أي مجتمعين ذوي إلفة واتحاد وقلوبهم شتى جمع شتيت أي متفرقة لا إلفة بينها يعني أن بينهم إحنا وعداوات فلا يتعاضدون حق التعاضد ولا يرمون عن قوس واحدة ، وهذا تجسير للمؤمنين وتشجيع لقلوبهم على قتالهم .
وقرأ مبشر بن عبيد «شتى » بالتنوين جعل الألف ألف الإلحاق ، وعبد الله - وقلوبهم أشت - أي أكثر أو أشد تفرقا ذلك بأنهم أي ما ذكر من تشتت قلوبهم بسبب أنهم قوم لا يعقلون شيئا حتى يعلموا طرق الألفة وأسباب الاتفاق ، وقيل : لا يعقلون أن تشتت القلوب مما يوهن قواهم المركوزة فيهم بحسب الخلقة ويعين على تدميرهم واضمحلالهم وليس بذاك ،