هو الله الذي لا إله إلا هو كرر لإبراز كمال الاعتناء بأمر التوحيد الملك المتصرف بالأمر والنهي ، أو المالك لجميع الأشياء الذي له التصرف فيها ، أو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء ويستحيل عليه الإذلال ، أو الذي يولي ويعزل ولا يتصور عليه تولية ولا عزل ، أو المنفرد بالعز والسلطان ، أو ذو الملك والملك خلقه ، أو القادر أقوال حكاها الآمدي ، وحكي الأخير عن القاضي أبي بكر القدوس البليغ في النزاهة عما يوجب نقصانا ، أو الذي له الكمال في كل وصف اختص به ، أو الذي لا يحد ولا يتصور ، وقرأ أبو السمال وأبو دينار الأعرابي « القدوس » بفتح القاف وهو لغة فيه لكنها نادرة ، فقد قالوا : فعول بالضم كثير ، وأما بالفتح فيأتي [ ص: 63 ]
في الأسماء - كسمور وتنور وهبود -اسم جبل باليمامة ، وأما في الصفات فنادر جدا ، ومنه سبوح بفتح السين السلام ذو السلامة من كل نقص وآفة مصدر وصف به للمبالغة ، وعن هو الذي ترجى منه السلامة ، وقيل : أي الذي يسلم على أوليائه فيسلمون من كل مخوف الجبائي المؤمن قيل : المصدق لنفسه ولرسله عليهم السلام فيما بلغوه عنه سبحانه إما بالقول أو بخلق المعجزة ، أو واهب عبادة الأمن من الفزع الأكبر أو مؤمنهم منه إما بخلق الطمأنينة في قلوبهم أو بإخبارهم أن لا خوف عليهم ، وقيل : مؤمن الخلق من ظلمه ، وقال ثعلب : المصدق المؤمنين في أنهم آمنوا ، وقال النحاس : في شهادتهم على الناس يوم القيامة وقيل : ذو الأمن من الزوال لاستحالته عليه سبحانه ، وقيل : غير ذلك ، وقرأ الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم -وقيل- أبو جعفر المدني «المؤمن » بفتح الميم على الحذف والإيصال كما في قوله تعالى : واختار موسى قومه [الأعراف : 155] أي المؤمن به .
وقال : لا يجوز إطلاق ذلك عليه تعالى لإيهامه ما لا يليق به سبحانه إذ المؤمن المطلق من كان خائفا وآمنه غيره ، وفيه أنه متى كان ذلك قراءة ولو شاذة لا يصح هذا لأن القراءة ليست بالرأي أبو حاتم المهيمن الرقيب الحافظ لكل شيء مفيعل من الأمن بقلب همزته هاء ، وإليه ذهب غير واحد ، وتحقيقه كما في الكشف أن أيمن على فيعل مبالغة أمن العدو للزيادة في البناء ، وإذا قلت : أمن الراعي الذئب على الغنم مثلا دل على كمال حفظه ورقبته ، فالله تعالى أمن كل شيء سواه سبحانه على خلقه وملكه لإحاطة علمه وكمال قدرته عز وجل ثم استعمل مجرد الدلالة بمعنى الرقيب والحفيظ على الشيء من ذكر المفعول بلا واسطة للمبالغة في كمال الحفظ كما قال تعالى : ومهيمنا عليه [المائدة : 48] وجعله من ذاك أولى من جعله من الأمانة نظرا إلى أن الأمين على الشيء حافظ له إذ لا ينبئ عن المبالغة ولا عن شمول العلم والقدرة ، وجعله في الصحاح اسم فاعل من آمنه الخوف على الأصل فأبدلت الهمزة الأصلية ياء كراهة اجتماع الهمزتين وقلبت الأولى هاء كما في هراق الماء ، وقولهم في إياك : هياك كأنه تعالى بحفظه المخلوقين صيرهم آمنين ، وحرف الاستعلاء - كمهيمنا عليه - لتضمين معنى الاطلاع ونحوه ، وأنت تعلم أن الاشتقاق على ما سمعت أولا أدل والخروج عن القياس فيه أقل ، وظاهر كلام الكشف أنه ليس من التصغير في شيء .
وقال : إنه مصغر ، وخطئ في ذلك فإنه لا يجوز تصغير أسمائه عز وجل المبرد العزيز الغالب .
وقيل : الذي لا مثل له ، وقيل : الذي يعذب من أراد ، وقيل : الذي عليه ثواب العاملين ، وقيل : الذي لا يحط عن منزلته ، وقيل : غير ذلك الجبار الذي جبر خلقه على ما أراد وقسرهم عليه : ويقال في فعله : أجبر ، وأمثلة المبالغة تصاغ من غير الثلاثي لكن بقلة ، وقيل : إنه من جبره بمعنى أصلحه ، ومنه جبرت العظم فانجبر فهو الذي جبر أحوال خلقه أي أصلحها ، وقيل : هو المنيع الذي لا ينال يقال للنخلة إذا طالت وقصرت عنها الأيدي : جبارة ، وقيل : هو الذي لا ينافس في فعله ولا يطالب بعلة ولا يحجر عليه في مقدوره .
وقال : هو العظيم ، وقيل : غير ذلك ابن عباس المتكبر البليغ الكبرياء والعظمة لأنه سبحانه بريء من التكليف الذي تؤذن به الصيغة فيرجع إلى لازمه من أن الفعل الصادر عن تأنق أقوى وأبلغ ، أو الذي [ ص: 64 ]
تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصانا سبحان الله عما يشركون تنزيه الله تعالى عما يشركون به سبحانه ، أو عن إشراكهم به عز وجل إثر تعداد صفاته تعالى التي لا يمكن أن يشارك سبحانه في شيء منها أصلا