وأخرى أي ولكم إلى ما ذكر من النعم نعمة أخرى ، فأخرى مبتدأ ، وهي في الحقيقة صفة للمبتدأ المحذوف أقيمت مقامه بعد حذفه ، والخبر محذوف قاله ، وقوله تعالى : الفراء تحبونها في موضع الصفة ، وقوله سبحانه : نصر من الله وفتح قريب أي عاجل بدل أو عطف بيان ، وجملة المبتدأ وخبره قيل : حالية وفي الكشف إنها عطف على جواب الأمر أعني يغفر من حيث المعنى كما تقول : جاهدوا تؤجروا ولكم الغنيمة وفي تحبونها تعبير لهم وكذلك في إيثار الاسمية على الفعلية وعطفها عليها كأن هذه عندهم أثبت وأمكن ونفوسهم إلى نيلها والفوز أسكن .
وقيل : " أخرى " مبتدأ خبره " نصر " وقال قوم : هي في موضع نصب بإضمار فعل أي ويعطكم أخرى ، وجعل ذلك من باب :
علفتها تبنا وماء باردا
ومنهم من قدر تحبون أخرى على أنه من باب الاشتغال ، " ونصر " على التقديرين خبر مبتدأ محذوف أي ذلك أو هو " نصر " ، أو مبتدأ خبره محذوف أي نصر وفتح قريب عنده ، وقال : هي في موضع جر بالعطف على " تجارة " وهو كما ترى . الأخفش
وقرأ نصرا وفتحا قريبا بالنصب بأعني مقدرا ، أو على المصدر أي تنصرون نصرا ويفتح لكم فتحا ، أو على البدلية من " أخرى " على تقدير نصبها " وبشر المؤمنين " عطف على قل مقدرا قبل قوله تعالى : ابن أبي عبلة يا أيها الذين آمنوا ، وقيل : على أبشر مقدرا أيضا ، والتقدير فأبشر يا محمد وبشر . وقال : هو عطف على " تؤمنون " لأنه في معنى الأمر كأنه قيل : آمنوا وجاهدوا يثبكم الله تعالى وينصركم وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك ، وتعقبه في الإيضاح بأن فيه نظرا لأن المخاطبين في " تؤمنون " هم المؤمنون ، وفي بشر هو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، ثم قوله تعالى : " تؤمنون " بيان لما قبله على طريق الاستئناف فكيف يصح عطف " بشر المؤمنين " عليه ؟ وأجيب بما خلاصته أن قوله سبحانه : الزمخشري يا أيها الذين آمنوا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأمته كما تقرر في أصول الفقه ، وإذ فسر بآمنوا وبشر دل على تجارته عليه الصلاة والسلام الرابحة وتجارتهم الصالحة ، وقدم " آمنوا " لأنه فاتحة الكل ثم لو سلم فلا مانع من العطف على جواب السائل بما لا يكون جوابا إذا ناسبه فيكون جوابا للسؤال وزيادة كيف وهو داخل فيه ؟ كأنهم قالوا : دلنا يا ربنا فقيل : آمنوا يكن لكم كذا وبشرهم يا محمد بثبوته لهم ، وفيه من إقامة الظاهر مقام المضمر وتنويع الخطاب ما لا يخفى نبل موقعه ، واختاره صاحب الكشف فقال : إن هذا الوجه من وجه العطف على قل ووجه العطف على فأبشر لخلوهما عن الفوائد المذكورة يعني ما تضمنه الجواب