وقد أخرج ، البخاري ، ومسلم ، وأبو داود عن والنسائي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : ابن عمر وأريد بذلك أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فهم على جبلتهم الأولى ، فالأمي نسبة إلى الأم التي ولدته ، وقيل : نسبة إلى أمة «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب » العرب وقيل : إلى أم القرى ، والأول أشهر ، واقتصر بعضهم في تفسيره على أنه الذي لا يكتب ، والكتابة على ما قيل : بدئت بالطائف أخذوها من أهل الحيرة وهم من أهل الأنبار ، وقرئ الأمين بحذف ياء النسب رسولا منهم أي كائنا من جملتهم ، فمن تبعيضية ، والبعضية : إما باعتبار الجنس فلا تدل على أنه عليه الصلاة والسلام أمي ، أو باعتبار الخاصة المشتركة في الأكثر فتدل ، واختار هذا جمع ، فالمعنى رسولا من جملتهم أميا مثلهم يتلو عليهم آياته مع كونه أميا مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم ويزكيهم عطف على " يتلو " فهو صفة أيضا - لرسولا - أي يحملهم على ما يصيرون به أزكياء طاهرين من خبائث العقائد والأعمال .
ويعلمهم الكتاب والحكمة صفة أيضا - لرسولا - مترتبة في الوجود على التلاوة . وإنما وسط بينهم التزكية التي هي عبارة عن تكميل النفس بحسب قوتها العملية وتهذيبها المتفرع على تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصل بالتعلم المترتب على التلاوة للإيذان بأن كلا من الأمور المترتبة نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر ، ولو روعي ترتيب الوجود لربما يتبادر إلى الفهم كون الكل نعمة واحدة كما مر في سورة البقرة ، وهو السر في التعبير عن القرآن تارة بالآيات وأخرى بالكتاب والحكمة رمزا إلى أنه باعتبار كل عنوان نعمة على حدة . ولا يقدح فيه شمول الحكمة لما في تضاعيف الأحاديث النبوية من الأحكام والشرائع قاله بعض الأجلة ، وجوز كون الكتاب والحكمة كناية عن جميع النقليات والعقليات كالسماوات والأرض بجميع الموجودات . والأنصار والمهاجرين بجميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وفيه من الدلالة على مزيد علمه صلى الله تعالى عليه وسلم ما فيه ولو لم يكن له عليه الصلاة والسلام سوى ذلك معجزة لكفاه كما أشار إليه البوصيري بقوله :
كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم