ذلك إشارة إلى ما تقدم من القول الناعي عليهم أنهم أسوأ الناس أعمالا أو إلى ما ذكر من حالهم في النفاق والكذب والاستجنان بالأيمان الفاجرة أو الإيمان الصوري ، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه لما مر مرارا من الإشعار في مثل هذا المقام ببعد منزلته في الشر ، وجوز كونه إشارة إلى سوء ما عملوا ، فالمعنى ساء عملهم ابن عطية بأنهم أي بسبب أنهم آمنوا أي نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل في الإسلام ثم كفروا ظهر كفرهم وتبين بما اطلع عليه من قولهم : إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن حمير ، وقولهم في غزوة تبوك : أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات ، وغير ذلك ، و «ثم » على ظاهرها ، أو لاستبعاد ما بين الحالين ، أو ثم أسروا الكفر - فثم - للاستبعاد لا غير ، أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام ، وقيل : الآية في أهل الردة منهم .
فطبع على قلوبهم حتى يموتوا على الكفر فهم لا يفقهون حقيقة الإيمان أصلا .
وقرأ «فطبع » بالبناء للفاعل وهو ضميره تعالى ، وجوز أن يكون ضميرا يعود على المصدر المفهوم مما قبل - أي فطبع هو - أي تلعابهم بالدين ، وفي رواية أنه قرأ فطبع الله مصرحا بالاسم الجليل ، وكذا قرأ زيد بن علي الأعمش