ومن يؤمن بالله يهد قلبه عند إصابتها للصبر والاسترجاع على ما قيل ، وعن علقمة للعلم بأنها من عند الله تعالى فيسلم لأمر الله تعالى ويرضى بها ، وعن قريب منه ، وقال ابن مسعود : ابن عباس يهد قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وقيل : يهد قلبه أي يلطف به ويشرحه لازدياد [ ص: 125 ]
الخير والطاعة ، وقرأ ابن جبير وطلحة وابن هرمز والأزرق عن - نهد - بنون العظمة . حمزة
وقرأ السلمي والضحاك «يهد » بالياء مبنيا للمفعول «قلبه » بالرفع على النيابة عن الفاعل ، وقرئ كذلك لكن بنصب «قلبه » ، وخرج على أن نائب الفاعل ضمير من وقلبه منصوب بنزع الخافض أي يهد في قلبه ، أو يهد إلى قلبه على معنى أن الكافر ضال عن قلبه بعيد منه ، والمؤمن واجد له مهتد إليه كقوله تعالى : وأبو جعفر لمن كان له قلب [ق : 37] فالكلام من الحذف والإيصال نحو اهدنا الصراط المستقيم [الفاتحة : 6] ، وفيه جعل القلب بمنزلة المقصد فمن ضل فقد منع منه ومن وصل فقد هدي إليه ، وجوز أن يكون نصبه على التمييز بناء على أنه يجوز تعريفه .
وقرأ عكرمة وعمرو بن دينار «يهدأ » بهمزة ساكنة «قلبه » بالرفع أي يطمئن قلبه ويسكن بالإيمان ولا يكون فيه قلق واضطراب ، وقرأ عمرو بن فايد - يهدا - بألف بدلا من الهمزة الساكنة ، ومالك بن دينار وعكرمة أيضا «يهد » بحذف الألف بعد إبدالها من الهمزة ، وإبدال الهمزة في مثل ذلك ليس بقياس على ما قال ومالك بن دينار ، وأجاز ذلك بعضهم قياسا ، وبني عليه جواز حذف تلك الألف للجازم ، وخرج عليه قول أبو حيان زهير بن أبي سلمى :
جريء متى يظلم يعاقب بظلمه سريعا وإن لا يبد بالظلم يظلم
أصله يبدأ فأبدلت الهمزة ألفا ثم حذفت للجازم تشبيها بألف - يخشى - إذا دخل عليه الجازم ، وقوله تعالى : والله بكل شيء من الأشياء التي من جملتها القلوب وأحوالها عليم فيعلم إيمان المؤمن ويهدي قلبه عند إصابة المصيبة فالجملة متعلقة بقوله تعالى : ومن يؤمن إلخ ، وجوز أن تكون متعلقة بقوله سبحانه : ما أصاب إلخ على أنها تذييل له للتقرير والتأكيد ، وذكر الطيبي أن في كلام الكشاف رمزا إلى أن في الآية حذفا أي فمن لم يؤمن لم يلطف به أو لم يهد قلبه ، ومن يؤمن بالله يهد قلبه ، وبني عليه أن المصيبة تشمل الكفر والمعاصي أيضا لورودها عقيب جزاء المؤمن والكافر وإردافها بالأمر الآتي وأي مصيبة أعظم منهما ؟ وهو كما أشار إليه يدفع في نحر المعتزلة