فاتقوا الله ما استطعتم أي ابذلوا في تقواه عز وجل جهدكم وطاقتكم كما أخرجه عبد بن حميد عن وابن المنذر ، وحكي عن الربيع بن أنس . أبي العالية
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : لما نزلت سعيد بن جبير اتقوا الله حق تقاته [آل عمران : 102] اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأنزل الله تعالى تخفيفا على المسلمين فاتقوا الله ما استطعتم فنسخت الآية الأولى . وجاء عن نحو منه ، وعن قتادة المراد أن يطاع سبحانه فلا يعصى ، والكثير على أن هذا هو المراد في الآية التي ذكرناها مجاهد واسمعوا مواعظه تعالى وأطيعوا أوامره عز وجل ونواهيه سبحانه وأنفقوا مما رزقكم في الوجوه التي أمركم بالإنفاق فيها خالصا لوجهه جل شأنه كما يؤذن به قوله تعالى : خيرا لأنفسكم وذكر ذلك تخصيص بعد تعميم ، ونصب " خيرا " عند على أنه مفعول به لفعل محذوف أي وأتوا خيرا لأنفسكم أي افعلوا ما هو خير لها وأنفع ، وهذا تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر [ ص: 128 ] سيبويه
وبيان لكون الأمور خيرا لأنفسهم من الأموال والأولاد ، وفيه شمة من التجريد ، وعند أبي عبيد على أنه خبر ليكن مقدرا جوابا للأمر أي يكن خيرا ، وعند الفراء على أنه نعت لمصدر محذوف أي إنفاقا خيرا ، وقيل : هو نصب - بأنفقوا - والخير المال ، وفيه بعد من حيث المعنى ، وقال بعض الكوفيين : هو نصب على الحال وهو بعيد في المعنى والإعراب والكسائي ومن يوق شح نفسه وهو البخل مع الحرص .
فأولئك هم المفلحون الفائزون بكل مرام