كأن لم تري قبلي أسيرا مقيدا ولا رجلا يرمي به الرجوان
والضمير للسماء والمراد بجوانبها أطرافها التي لم تنشق أخرج عن ابن المنذر ابن جبير قال إنهما قالا والضحاك والملك على أرجائها أي على ما لم ينشق منها، ولعل ذلك التجاء منهم للأطراف مما داخلهم من ملاحظة عظمة الله عز وجل أو اجتماع هناك للنزول . .وأخرج ابن المنذر عن وعبد بن حميد قال الربيع بن أنس والملك على أرجائها أي الملائكة على شقها ينظرون إلى شق الأرض وما أتاهم من الفزع والأول أظهر ولعل هذا الانشقاق بعد موت الملائكة عند النفخة الأولى وإحيائهم وهم يحيون قبل الناس كما تقتضيه الأخبار ويجوز أن يكون ذلك بعد النفخة الثانية والناس في المحشر ففي بعض الآثار ما يشعر بانشقاق كل سماء يومئذ ونزول ملائكتها واليوم متسع كما أشرنا إليه .
وقال الإمام يحتمل أنهم يقفون على الأرجاء لحظة ثم يموتون . ويحتمل أن يكون المراد بهم الذين استثناهم الله تعالى في قوله سبحانه ( إلا من شاء الله ) [النمل: 87، الزمر: 68] . وعلى الوجهين ينحل ما يقال الملائكة يموتون في الصعقة الأولى لقوله تعالى فصعق من في السماوات ومن في الأرض [الزمر: 68] فكيف يقال إنهم يقفون على أرجاء السماء وفي أنوار التنزيل لعل قوله تعالى وانشقت السماء إلخ تمثيل لخراب العالم بخراب المبنيات وانضواء أهلها إلى أطرافها وإن كان على ظاهره فلعل موت الملائكة إثر ذلك انتهى وأنا لا أقول باحتمال التمثيل وفي البحر عن ابن جبير إن ضمير والضحاك أرجائها للأرض وإن بعد ذكرها قالا إنهم ينزلون إليها يحفظون أطرافها كما روي أن الله تعالى يأمر ملائكة السماء الدنيا فيقفون صفا على حافات الأرض ثم ملائكة الثانية فيصفون حولهم ثم ملائكة كل سماء فكلما ند أحد من الجن والإنس وجد الأرض أحيط بها ولعل ما نقلناه عنهما أولى بالاعتماد
( ويحمل عرش ربك فوقهم . أي فوق الملائكة الذين على الأرجاء المدلول عليهم بالملك وقيل فوق العالم كلهم وقيل الضمير يعود على الملائكة الحاملين أي يحمل عرش ربك فوق ظهورهم أو رؤوسهم يومئذ ثمانية والمرجع وإن تأخر لفظا لكنه متقدم رتبة وفائدة فوقهم الدلالة على أنه ليس محمولا بأيديهم كالمعلق مثلا وأيد هذا واعتبار الظهور بما أخرج الترمذي و يومئذ يومئذ وأبو داود ابن ماجة العباس بن عبد المطلب في حديث وفوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن ووركهن ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء إلى السماء . عن
والمراد بالأوعال فيه ملائكة على صورة الأوعال كما قال وغيره وهي جمع وعل بكسر العين تيس الجبل واستدل به على أن المراد ثمانية أشخاص والأخبار الدالة على ذلك كثيرة إلا أن فيها تدافعا من حيث دلالة بعضها على أن بعضهم على صورة الإنسان وبعضهم على صورة الأسد وبعضهم على صورة الثور وبعضهم على صورة النسر ودلالة بعض آخر على أن كل واحد منهم أربعة أوجه وجه ثور ووجه نسر ووجه أسد ووجه إنسان وفيه لكل واحد منهم أربعة أجنحة أما جناحان فعلى وجهه مخافة من أن ينظر إلى العرش فيصعق، وأما جناحان فيطير بهما ابن الأثير وأبو حيان لم يقل بصحة شيء من ذلك حيث قال ذكروا في صفات هؤلاء الثمانية أشكالا متكاذبة ضربنا عن ذكرها صفحا وأخرج [ ص: 46 ] عن عبد بن حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابن زيد «يحمله اليوم أربعة ويوم القيامة ثمانية» .
وأخرج عنه أنه لم يسم من حملة العرش إلا ابن أبي حاتم إسرافيل عليه السلام قال وميكائيل عليه السلام ليس من حملة العرش وعليه فمن زعم أنهما وجبرائيل وعزرائيل عليه السلام من جملة حملته يلزمه إثبات ذلك بخبر يعول عليه .
وعن أربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك، وأربعة يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك . شهر بن حوشب
وفي خبر عن وهب بن منبه ليس لهم كلام إلا قولهم قدسوا الله القوي الذي ملأت عظمته السماوات وأكثر الأخبار في هذا الباب لا يعول عليه
وأخرج عبد بن حميد عن أنه قال يقال ثمانية صفوف لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل وأخرج هذا القول الضحاك ابن جرير وابن المنذر من طرق عن وابن أبي حاتم ابن عباس
وقال : الله تعالى أعلم كم هم أثمانية أصناف أم ثمانية أشخاص وأنت تعلم أن الظاهر المؤيد ببعض الأخبار المصححة أنهم ثمانية أشخاص وأيا كان فالظاهر أن هناك حملا على الحقيقة وإليه ذهب الحسن محيي الدين قدس سره قال: إن لله تعالى ملائكة يحملون العرش الذي هو السرير على كواهلهم هم اليوم أربعة وغدا يكونون ثمانية لأجل الحمل إلى أرض المحشر . وله قدس سره في الباب الثالث عشر من فتوحاته كلام واسع في حملة العرش لا سيما على تفسيره بالملك فليرجع إليه من اتسع كرسي ذهنه لفهم كلامه وجوز أن يكون ذلك تمثيلا لعظمته عز وجل بما يشاهد من أحوال السلاطين يوم خروجهم على الناس للقضاء العام فالمراد تجليه عز وجل بصفة العظمة وجعل العرض في قوله تعالى .