يبصرونهم أي يبصر الأحماء الأحماء فلا يخفون عليهم وما يمنعهم من التساؤل إلا اشتغالهم بحال أنفسهم وقيل ما يغني عنه من مشاهدة [ ص: 60 ] الحال كبياض الوجه وسواده ولا يخفى حاله ويبصرونهم قيل من بصرته بالشيء إذا أوضحته له حتى يبصره ثم ضمن معنى التعريف أو حذف الصلة إيصالا وجمع الضميرين لعموم الحميم والجملة استئناف كأنه لما قيل لا ( يسأل ) إلخ قيل لعله لا يبصره فقيل يبصرونهم وجوز أن تكون صفة أي حميما مبصرين معرفين إياهم وأن تكون حالا إما من الفاعل أو من المفعول أو من كليهما ولا يضر التنكير لمكان العموم وهو مسوغ للحالية ورجحت على الوصفية بأن التقييد بالوصف في مقام الإطلاق والتعميم غير مناسب وليس فيها ذلك فلا تغفل .
وقرأ «يبصرونهم» مخففا مع كسر الصاد أي يشاهدونهم قتادة يود المجرم أي يتمنى الكافر وقيل كل مذنب وقوله تعالى لو يفتدي من عذاب يومئذ أي العذاب الذي ابتلي به يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه حكاية لودادتهم ( ولو ) في معنى التمني وقيل هي بمنزلة أن الناصبة فلا يكون لها جواب، وينسبك منها ومما بعدها مصدر يقع مفعولا ليود والتقدير يود افتداءه ببنيه إلخ والجملة استئناف لبيان أن اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ إلى حيث يتمنى أن يفتدي بأقرب الناس إليه وأعلقهم بقلبه فضلا أن يهتم بحاله ويسأل عنها وجوز أن تكون حالا من ضمير الفاعل على فرض أن يكون هو السائل فإن فرض أن السائل المفعول فهي حال من ضميره وقيل الظاهر جعلها حالا من ضمير الفاعل لأنه المتمني .
وأيا ما كان فالمراد يود المجرم منهم وقرأ نافع كما في أنوار التنزيل والكسائي «يومئذ» بالفتح على البناء للإضافة إلى غير متمكن وقرأ والأعرج أبو حيوة كذلك وبتنوين «عذاب» فيومئذ حينئذ منصوب بعذاب لأنه في معنى تعذيب وفصيلته أي عشيرته الأقربين الذين فصل عنهم كما ذكره غير واحد ولعله أولى من قول عشيرته المنفصلة عنه وقال الراغب ( فصيلته ) آباؤه الأدنون وفسر ثعلب الفصيلة بالفخذ أبو عبيدة التي تؤويه أي تضمنه انتماء إليها لياذا بها في النوائب ومن في الأرض جميعا من الثقلين الإنس والجن أو الخلائق الشاملة لهم ولغيرهم ومن للتغليب ثم ينجيه عطف على يفتدي والضمير المرفوع للمصدر الذي في ضمن الفعل أي يود لو يفتدي ثم لو ينجيه الافتداء، وجوز عود الضمير إلى المذكور أبو حيان عوده إلى ( من في الأرض ) وثم الاستبعاد الإنجاء يعني يتمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم في فداء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات وقرأ والزمخشري «تؤويه» و «ينجيه» بضم الهاءين . الزهري