لا شيء ينفعني من دون رؤيتها لا يشتكي وامق ما لم يصب رهقا
فإنه أراد ما لم يغش محرما فالمعنى هنا فزادت الإنس والجن مأثما لأنهم عظموهم فزادوهم استحلالا لمحارم الله تعالى أو فزاد الجن العائذين ( غيا ) بأن أضلوهم حتى استعاذوا بهم فالضميران على عكس ما تقدم وهو قول قتادة وأبي العالية والربيع والفاء على الأول للتعقيب وعلى هذا قيل للترتيب الإخباري . وابن زيد
وذهب إلى أن ما بعد الفاء قد يتقدم إذا دل عليه الدليل كقوله تعالى الفراء وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا [الأعراف: 4] وجمهور النحاة على خلافه وقيل في الكلام حذف أي فاتبعوهم فزادوهم . والآية ظاهرة في أن لفظ الرجال يطلق على ذكور الجن كما يطلق على ذكور الإنس . وقيل لا يطلق على ذكور الجن [ ص: 86 ] ( ومن الجن ) في الآية متعلق ب ( يعوذون ) ومعناها أنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس وكان الرجل يقول مثلا أعوذ بحذيفة بن بدر من جن هذا الوادي وهو قول غريب مخالف لما عليه الجمهور المؤيد بالآثار، ولعل تعلق الإيمان بهذا باعتبار ما يشعر به من كون ذلك ضلالا موجبا لزيادة الرهق .
وقد جاء في بعض الأخبار ما يقال بدل هذه الاستعاذة
ففي حديث طويل أخرجه أبو نصر السجزي في الإبانة من طريق عن مجاهد وقال غريب جدا أنه صلى الله عليه وسلم قال: ابن عباس . «إذا أصاب أحدا منكم وحشة أو نزل بأرض مجنة فليقل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزها بر ولا فاجر من شر ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل السماء وما يعرج فيها ومن فتن النهار ومن طوارق الليل إلا طارقا يطرق بخير»