وربك فكبر واخصص ربك بالتكبير وهو وصفه تعالى بالكبرياء والعظمة اعتقادا وقولا .
ويروى أنه لما نزل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر» فكبرت وفرحت وأيقنت أنه الوحي خديجة
وذلك لأن الشيطان لا يأمر بذلك والأمر بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم غني عن الاستدلال وجوز أن يحمل على تكبير الصلاة
فقد أخرج ابن مردويه عن قال: قلنا يا رسول الله كيف نقول إذا دخلنا في [ ص: 117 ] الصلاة؟ فأنزل الله تعالى أبي هريرة وربك فكبر فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفتح الصلاة بالتكبير
. وأنت تعلم أن نزول هذه الآية كان حيث لا صلاة أصلا فهذا الخبر إن صح مؤول والفاء هنا وفيما بعد لإفادة معنى الشرط فكأنه قيل: وما كان أي أي شيء حدث فلا تدع تكبيره عز وجل، فالفاء جزائية وهي لكونها على ما قيل مزحلقة لا يضر عمل ما بعدها فيما قبلها وقيل إنها دخلت في كلامهم على توهم شرط فلما لم تكن في جواب شرط محقق كانت في الحقيقة زائدة فلم يمتنع تقديم معمول ما بعدها عليها لذلك ثم إن في ذكر هذه الجملة بعد الأمر السابق مقدمة على سائر الجمل إشارة إلى مزيد الاهتمام بأمر التكبر وإيماء على ما قيل إلى أن المقصود الأول من الأمر بالقيام أن يكبر ربه عز وجل وينزهه من الشرك، فإن أول ما يجب معرفة الله تعالى ثم تنزيهه عما لا يليق بجنابه والكلام عليه من باب: إياك أعني واسمعي يا جارة وقد يقال: لعل ذكر هذه الجملة كذلك مسارعة لتشجيعه عليه الصلاة والسلام على الإنذار وعدم مبالاته بما سواه عز وجل حيث تضمنت الإشارة إلى أن نواصي الخلائق بيده تعالى وكل ما سواه مقهور تحت كبريائه تعالى وعظمته، فلا ينبغي أن يرهب ( إلا ) منه ولا يرغب ( إلا ) فيه فكأنه قيل قم فأنذر واخصص ربك بالتكبير فلا يصدنك شيء عن الإنذار فتدبر .