وما يذكرون أي بمجرد مشيئتهم للذكر كما هو المفهوم من ظاهر قوله تعالى فمن شاء ذكره إذ لا تأثير لمشيئة العبد وإرادته في أفعاله وهو قوله سبحانه إلا أن يشاء الله استثناء مفرغ من أعم العلل أو من أعم الأحوال أي وما يذكرون بعلة من العلل أو في حال من الأحوال ( إلا ) بأن يشاء الله تعالى أو حال أن يشاء الله ذلك وهذا تصريح بأن أفعال العباد بمشيئة الله عز وجل بالذات أو بالواسطة فيه رد على المعتزلة وحملهم المشيئة على مشيئة القسر والإلجاء خروج عن الظاهر من غير قسر وإلجاء .
وقرأ نافع وسلام «تذكرون» بتاء الخطاب التفاتا مع إسكان الذال وروي عن ويعقوب أبي حيوة «يذكرون» بياء الغيبة وشد الذال وعن «تذكرون» بالتاء الفوقية وإدغامها في الذال أبي جعفر هو أهل التقوى حقيق بأن يتقى عذابه ويؤمن به ويطاع فالتقوى مصدر المبني للمفعول وأهل المغفرة حقيق بأن يغفر جل وعلا لمن آمن به وأطاعه فالمغفرة مصدر المبني للفاعل .
وأخرج أحمد وحسنه والترمذي وصححه والحاكم والنسائي وخلق آخرون وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية أنس هو أهل التقوى وأهل المغفرة فقال: «قد قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها آخر فأنا أهل أن أغفر له» . عن
وأخرج عن ابن مردويه عبد الله بن دينار عن أبي هريرة وابن عمر مرفوعا ما يقرب من ذلك . وابن عباس
وفي حديث أخرجه في نوادر الأصول عن الحكيم الترمذي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن «يقول الله تعالى إني لأجدني أستحي من عبدي يرفع يديه إلي ثم يردهما من غير مغفرة، قالت الملائكة: إلهنا ليس لذلك بأهل قال الله تعالى لكني أهل التقوى وأهل المغفرة أشهدكم أني قد غفرت له» .
وكأن الجملة لتحقيق الترهيب والترغيب اللذين أشعر بهما الكلام السابق كما لا يخفى على المتذكر
وعن بعضهم أنه لما سمع قوله تعالى هو أهل التقوى وأهل المغفرة قال: «اللهم اجعلني من أهل التقوى وأهل المغفرة
على أن أول الثاني كثاني الأول مبنيا للفاعل وثاني الثاني كأول الأول مبنيا للمفعول وإلا فلا يحسن الدعاء وإن تكلف لتصحيحه فافهم والله تعالى أعلم .