إن الأبرار شروع في بيان حسن حال الشاكرين إثر بيان حال سوء الكافرين وإيرادهم بعنوان البر للإشعار بما استحقوا به ما نالوه من الكرامة السنية مع تجديد صفة مدح لهم والأبرار جمع بر كرب وأرباب أو بار كشاهد وأشهاد بناء على أن فاعلا يجمع على أفعال والبر المطيع المتوسع في فعل الخير وقيل من يؤدي حق الله تعالى ويوفي بالنذر وعن هو الذي لا يؤذي الذر ولا يرضى الشر الحسن يشربون في الآخرة من كأس هي كما قال الإناء إذا كان فيه الشراب فإذا لم يكن لم يسم كأسا وقال الزجاج : الكأس الإناء بما فيه من الشراب ويسمى كل واحد منهما بانفراده كأسا والمشهور أنها تطلق حقيقة على الزجاجة إذا كانت فيها خمر ومجازا على الخمر بعلاقة المجاورة والمراد بها هاهنا قيل الخمر فمن تبعيضية أو بيانية وقيل الزجاجة التي فيها الخمر ف ( من ) ابتدائية وقوله تعالى الراغب كان مزاجها كافورا أظهر ملاءمة للأول والظاهر أن هذا على منوال ( كان الله عليما حكيما ) [النساء: 17 وغيرها] والمجيء بالفعل للتحقيق والدوام، وقيل ( كان ) تامة من قوله تعالى كن فيكون [البقرة: 117 وغيرها] والمزاج ما يمزج به كالحزام لما يحزم به فهو اسم آلة، وكافور على ما قال علم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور وعرفه وبرده وصرف لتوافق الآي والكلام على حذف مضاف أي ماء كافور والجملة صفة الكلبي كأس وهذا القول خلاف الظاهر ولعله إن لم يصح فيه خبر لا يقبل . وقرأ عبد الله «قافورا» بالقاف بدل الكاف وهما كثيرا ما يتعاقبان في الكلمة كقولهم عربي قح وكح .