ومن رواية عطاء عن أن ابن عباس الحسن مرضا فعادهما جدهما والحسين محمد صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله تعالى عنهما وعادهما من عادهما من الصحابة فقالوا وعمر كرم الله تعالى وجهه: يا لعلي أبا الحسن لو نذرت على ولديك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برآ مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام شكرا فألبس الله تعالى الغلامين ثوب العافية .
وليس عند آل محمد قليل ولا كثير فانطلق كرم الله تعالى وجهه إلى علي شمعون اليهودي الخيبري فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير فجاء بها فقامت رضي الله تعالى عنها إلى صاع فطحنته وخبزت منه خمسة أقراص على عددهم وصلى فاطمة كرم الله تعالى وجهه مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فوقف بالباب سائل فقال: السلام عليكم يا أهل بيت علي محمد صلى الله عليه وسلم، أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله تعالى من موائد الجنة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا شيئا إلا الماء وأصبحوا صياما، ثم قامت رضي الله تعالى عنها إلى صاع آخر فطحنته وخبزته وصلى فاطمة كرم الله تعالى وجهه مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فوقف يتيم بالباب، وقال: السلام عليكم يا أهل بيت علي محمد صلى الله عليه وسلم، يتيم من أولاد المهاجرين أطعموني أطعمكم الله تعالى من موائد الجنة، فآثروه ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح وأصبحوا صياما فلما كان يوم الثالث قامت رضي الله تعالى عنها إلى الصاع الثالث وطحنته وخبزته وصلى فاطمة كرم الله تعالى وجهه مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب فأتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فوقف أسير بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت علي محمد صلى الله عليه وسلم، أنا أسير محمد عليه الصلاة والسلام أطعموني أطعمكم الله، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء القراح .
فلما أصبحوا أخذ كرم الله تعالى وجهه علي الحسن وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال: يا والحسين أبا الحسن ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم وقام فانطلق معهم إلى رضي الله تعالى عنها فرآها في محرابها قد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها من شدة الجوع فرق لذلك صلى الله عليه وسلم وساءه ذلك فهبط فاطمة جبريل عليه السلام فقال: خذها يا محمد هناك الله تعالى في أهل بيتك قال: وما آخذ يا جبريل فأقرأه هل أتى على الإنسان السورة .
وفي رواية ابن مهران فوثب النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل على فأكب عليها يبكي فهبط فاطمة جبريل عليه السلام بهذه الآية إن الأبرار يشربون إلى آخره وفي رواية عن عطاء أن الشعير كان عن أجرة سقي نخل وأنه جعل في كل يوم ثلث منه عصيدة فآثروا بها وأخرج عن ابن مردويه أنه قال في قوله سبحانه ابن عباس ويطعمون إلخ نزلت في كرم الله تعالى وجهه علي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم وسلم ولم يذكر القصة والخبر مشهور بين الناس وذكره وفاطمة في كتاب البسيط وعليه قول بعض الواحدي الشيعة :
إلام ألام وحتى متى أعاتب في حب هذا الفتى وهل زوجت غيره فاطم
وفي غيره هل أتى هل أتى
وتعقب بأنه خبر موضوع مفتعل كما ذكره الترمذي وابن الجوزي وآثار الوضع ظاهرة عليه [ ص: 158 ] لفظا ومعنى، ثم إنه يقتضي أن تكون السورة مدنية لأن بناء كرم الله تعالى وجهه على علي رضي الله تعالى عنها كان فاطمة بالمدينة وهي عند المروي هو عنه على ما أخرج ابن عباس النحاس مكية وكذا عند الجمهور في قول .
وأقول أمر مكيتها ومدنيتها مختلف فيه جدا كما سمعت فلا جزم فيه بشيء وابن الجوزي نقل الخبر في تبصرته ولم يتعقبه على أنه ممن يتساهل في أمر الوضع حتى قالوا إنه لا يعول عليه في هذا الباب فاحتمال أصل النزول في الأمير كرم الله تعالى وجهه رضي الله تعالى عنها قائم ولا جزم بنفي ولا إثبات لتعارض الأخبار ولا يكاد يسلم المرجح عن قيل وقال، نعم لعله يترجح عدم وقوع الكيفية التي تضمنتها الرواية الأولى، ثم إنه على القول بنزولها فيهما لا يتخصص حكمها بهما بل يشمل كل من فعل مثل ذلك كما ذكره وفاطمة الطبرسي من الشيعة في مجمع البيان راويا له عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه وعلى القول بعدم النزول فيهما لا يتطامن مقامهما ولا ينقص قدرهما إذ دخولهما في الأبرار أمر جلي بل هو دخول أولى فهما هما وماذا عسى يقول امرؤ فيهما سوى أن مولى المؤمنين ووصي النبي عليا البضعة الأحمدية والجزء المحمدي وأما الحسنان فالروح والريحان وسيدا شباب الجنان وليس هذا من الرفض بشيء بل ما سواه عندي هو الغي : وفاطمة
أنا عبد الحق لا عبد الهوى لعن الله الهوى فيمن لعن
ومن اللطائف على القول بنزولها فيهم أنه سبحانه لم يذكر فيها الحور العين وإنما صرح عز وجل بولدان مخلدين رعاية لحرمة البتول وقرة عين الرسول لئلا تثور غيرتها الطبيعية إذا أحست بضرة وهي في أفواه تخيلات الطباع البشرية ولو في الجنة مرة . ولا يخفى عليك أن هذا زهرة ربيع ولا تتحمل الفرك ثم التذكير على ذلك أيضا من باب التغليب .
وقرأ كرم الله تعالى وجهه «جازاهم» علي
على وزن فاعل .