عقرت لهم ناقتي موهنا فليلهم مدلهم غطش
وفي البحر عن كتاب اللغات في القرآن: ( أغطش ) أظلم بلغة أنمار وأشعر. وأخرج ضحاها أي: أبرز نهارها، والضحى في الأصل على ما يفهم من كلام انبساط الشمس وامتداد النهار ثم سمي به الوقت [ ص: 32 ] المعروف، وشاع في ذلك وتجوز به عن النهار بقرينة المقابلة، وقيل: الكلام على حذف مضاف؛ أي: ضحى شمسها أي: ضوء شمسها وكنى بذلك عن النهار، والأول أقرب، وعبر عن النهار بالضحى لأنه أشرف أوقاته وأطيبها وفيه من انتعاش الأرواح ما ليس في سائرها فكان أوفق لمقام تذكير الحجة على منكري البعث وإعادة الأرواح إلى أبدانها. وقيل: إنه لذلك كان أحق بالذكر في مقام الامتنان وإضافة الليل والضحى إلى السماء لأنهما يحدثان بسبب غروب الشمس وطلوعها وهي سماوية، أو وهما إنما يحصلان بسبب حركتها على القول بحركتها لاتحادها مع الفلك أو وهما إنما يحصلان بسبب حركة الشمس في فلكها فيها على القول بأن السماء والفلك متغايران، والمتحرك إنما هو الكوكب في الفلك كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى: الراغب كل في فلك يسبحون وإن الفلك ليس إلا مجرى الكوكب في السماء، وقيل: أضيفا إليها لأنهما أول ما يظهران منها؛ إذ أول الليل بإقبال الظلام من جهة المشرق، وأول النهار بطلوع الفجر وإقبال الضياء منه، وفي الكشاف: أضيف الليل والشمس إلى السماء لأن الليل ظلها، والشمس هي السراج المثقب في جوها، واعترض بأن الليل ظل الأرض، وأجيب بأنه اعتبار بمرأى الناظر كذلك كما أن زينة السماء الدنيا أيضا اعتبار بمرأى الناظر. وقيل: إضافتهما إليها باعتبار أنهما إنما يحدثان تحتها وشملا بهذا الاعتبار ما لم يكد يخطر في أذهان العرب من ليل ونهار طول كل منهما ستة أشهر، وهما ليل ونهار عرض تسعين حيث الدور رحوي، وتعقب بأنهم قالوا: إن ظل الأرض المخروطي ينتهي إلى فلك الزهرة وهي في السماء الثالثة فالحصر غير تام وفيه نظر فتأمل، وبالجملة الإضافة لأدنى ملابسة.