قوله تعالى: إلى ربك منتهاها ولا يخفى ضعف ذلك.
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وصححه والحاكم قالت: ما زال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يسأل عن الساعة حتى أنزل الله تعالى عليه: عائشة فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها فانتهى عليه الصلاة والسلام فلم يسأل بعدها. عن
وأخرج وغيره عن النسائي طارق بن شهاب قال: فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها فكف عنها. كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يكثر ذكر الساعة حتى نزلت:
وعلى هذا فهو تعجيب من كثرة ذكره صلى الله تعالى عليه وسلم لها كأنه قيل: في أي شغل واهتمام أنت من ذكرها والسؤال عنها، والمعنى أنهم يسألونك عنها فلحرصك على جوابهم لا تزال تذكرها وتسأل عنها، ونظر فيه ابن المنير بأن قوله عز وجل: يسألونك كأنك وقت إدراكه مستقرا له فتدبر.
وقوله تعالى: فيم أنت من ذكراها إنكار ورد لسؤال المشركين عنها؛ أي: في أي شيء أنت من أن تذكر لهم وقتها وتعلمهم به حتى يسألوك بيانها كقوله تعالى: يسألونك كأنك حفي عنها فالاستفهام للإنكار و «فيم» خبر مقدم و «أنت» مبتدأ مؤخر و «من ذكراها» على تقدير مضاف؛ أي: ذكرى وقتها متعلق بما تعلق به الخبر وقيل: «فيم» إنكار لسؤالهم وما بعده استئناف تعليل للإنكار وبيان لبطلان السؤال؛ أي: فيم هذا السؤال ثم ابتدئ فقيل: أنت من ذكراها أي: إرسالك وأنت خاتم الأنبياء المبعوث في نسم الساعة علامة من علامتها ودليل يدلهم على العلم بوقوعها عن قريب فحسبهم هذه المرتبة من العلم، فمعنى قوله تعالى: إلى ربك منتهاها على هذا الوجه إليه تعالى يرجع منتهى علمها؛ أي: علمها بكنهها وتفاصيل أمرها ووقت وقوعها لا إلى أحد غيره سبحانه وإنما وظيفتهم أن يعلموا باقترابها ومشارفتها وقد حصل لهم ذلك بمبعثك فما معنى سؤالهم عنها بعد ذلك؟ وأما على الوجه الأول فمعناه إليه عز وجل انتهاء علمها ليس لأحد منه شيء كائنا ما كان فلأي شيء يسألونك عنها.