وما يدريك لعله يزكى ذلك لما فيه من الإيناس بعد الإيحاش والإقبال بعد الإعراض والتعبير عن بالأعمى للإشعار بعذره في الإقدام على قطع كلام الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وتشاغله بالقوم، وقيل: إن الغيبة أولا والخطاب ثانيا لزيادة الإنكار؛ وذلك كمن يشكو إلى الناس جانيا جنى عليه ثم يقبل على الجاني إذا حمى على الشاكية مواجها بالتوبيخ وإلزام الحجة، وفي ذكر الأعمى نحو من ذلك؛ لأنه وصف يناسب الإقبال عليه والتعطف، وفيه أيضا دفع إيهام الاختصاص بالأعمى المعين وإيماء إلى أن كل [ ص: 40 ] ضعيف يستحق الإقبال من مثله على أسلوب: «لا يقضي القاضي وهو غضبان». و «أن» بتقدير حرف الجر أعني لام التعليل وهو معمول لأول الفعلين على مختار الكوفيين وثانيهما على مختار البصريين وكليهما معا على مذهب ابن أم مكتوم نعم هو بحسب المعنى علة لهما بلا خلاف؛ أي: عبس لأن جاءه الأعمى وأعرض لذلك. وقرأ الفراء، «عبس» بتشديد الباء للمبالغة لا للتعدية وهو زيد بن علي: والحسن وأبو عمران الجوني «آن» بهمزة ومدة بعدها، وبعض القراء بهمزتين محققتين والهمزة في القراءتين للاستفهام الإنكاري ويوقف على تولى والمعنى: إلا أن جاء الأعمى فعل ذلك، وضمير «لعله» للأعمى، والظاهر أن الجملة متعلقة بفعل الدراية على وجه سد مسد مفعوله؛ أي: أي شيء يجعلك داريا بحال هذا الأعمى لعله يتطهر بما يتلقن من الشرائع من بعض أوضار الإثم. وعيسى