وقوله تعالى: أنا صببنا الماء بدل منه بدل اشتمال؛ فإنه لكونه من أسباب [ ص: 46 ] تكونه كالمشتمل عليه والعائد محذوف؛ أي: صببنا له، وجوز كونه بدل كل من كل على معنى: فلينظر الإنسان إلى إنعامنا في طعامه أنا صببنا... إلخ. وهو كما ترى، وأيا ما كان فالمقصود بالنظر هو البدل وبذلك يضعف ما روي عن أبي وابن عباس ومجاهد وغيرهم أن المعنى: فلينظر إلى طعامه إذا صار رجيعا ليتأمل عاقبة الدنيا وما تهالك عليه أهلها، ولعمري إن هذا بعيد الإرادة عن السياق، ولا أظن أنه وقع على صحة روايته عن هؤلاء الأجلة الاتفاق. وظاهر الصب يقتضي تخصيص الماء بالغيث وهو المروي عن والحسن وجوز بعضهم إرادة الأعم. وقال: إن في كل ماء صبا من الله تعالى بخلق أسبابه على أصول النباتات، وأنت تعلم أن إيصال الماء إلى أصول النباتات يبعد تسميته صبا، وتأكيد الجملة للاعتناء بمضمونها مع كونها مظنة لإنكار القاصر لعدم الإحساس بفعل من الله تعالى، وإنما يعرف الاستناد إليه عز وجل بالنظر الصحيح، وقرأ الأكثر: «إنا» بالكسر على الاستئناف البياني كأنه لما أمر سبحانه بالنظر إلى ما رزقه جل وعلا من أنواع المأكولات قيل: كيف أحدث ذلك وأوجد بعد أن لم يكن فقيل: «إنا صببنا» إلخ. ابن عباس
وقرأ الإمام الحسين ابن أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجههما ورضي سبحانه عنهما: «أنى صببنا» بفتح الهمزة والإمالة على معنى: فلينظر الإنسان كيف صببنا الماء صبا عجيبا.