وفي البحر عن الحبر: إنه الرطب وهو يقضب من النخل واستأنس له بذكره مع العنب، ولا يخفى ما فيه. وزيتونا ونخلا هما معروفان وحدائق رياضا غلبا أي: عظاما، وأصله جمع أغلب وغلباء صفة العنق، وقد يوصف به الرجل، لكن الأول هو الأغلب، ومنه قول الأعشى:
[ ص: 47 ]
يمشي بها غلب الرقاب كأنهم بزل كسين من الكحيل جلالا
ووصف الحدائق بذلك على سبيل الاستعارة شبه تكاثف أوراق الأشجار وعروقها بغلظ الأوداج وانتفاخ الأعصاب مع اندماج بعضها في بعض في غلظ الرقبة إلا أن الغلظ في الأشجار أقوى؛ لأن الأمر بالعكس نظرا إلى الاندماج، وتقوي البعض بالبعض حتى صارت شيئا واحدا، وجوز أن يكون هناك مجاز مرسل كما في المرسن بأن يراد بالأغلب الغليظ مطلقا، وتجوز في الإسناد أيضا لأن الحدائق نفسها ليست غليظة بل الغليظ أشجارها. وقال بعض: المراد بالحدائق نفس الأشجار لمكان العطف على ما في حيز «أنبتنا» فلا تغفل.