تكثر ما استطعت من الخطايا ستلقى في غد ربا غفورا تعض ندامة كفيك مما
تركت مخافة الذنب السرورا
فإنه قياس عقيم وتمنية باطلة بل هو مما يوجب المبالغة في الإقبال على الإيمان والطاعة والاجتناب عن الكفر والعصيان دون العكس، ولذا قال بعض العارفين: لو لم أخف الله تعالى لم أعصه، فكأنه قيل: ما حملك على عصيان ربك [ ص: 64 ] الموصوف بما يزجر عنه وتدعو إلى خلافه؟ وقيل: إن هذا تلقين للحجة وهو من الكرم أيضا فإنه إذا قيل له ما غرك إلخ. يتفطن للجواب الذي لقنه ويقول: كرمه، كما قيل: يعرف حسن الخلق والإحسان بقلة الآداب في الغلمان ولم يرتض ذلك وكان الاغترار بذلك في النظر الجليل وإلا فهو في النظر الدقيق كما سمعت. وعن الزمخشري الفضيل أنه قال: غره ستره تعالى المرخي وقال محمد بن السماك:
يا كاتم الذنب أما تستحي والله في الخلوة رائيكا
غرك من ربك إمهاله وستره طول مساويكا
وقال بعضهم:
يقول مولاي ألا تستحي مما أرى من سوء أفعالك
فقلت: يا مولاي رفقا فقد جرأني كثرة أفضالك
وروي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قرأ الآية فقال: «الجهل».
وقاله رضي الله تعالى عنه وقرأ: عمر إنه كان ظلوما جهولا والفرق بين هذا وبين ما ذكروا لا يخفى على ذي علم. واختلف في: ( الإنسان ) المنادى فقيل الكافر، بل عن أنه عكرمة أبي بن خلف، وقيل: الأعم الشامل للعصاة وهو الوجه لعموم اللفظ، ولوقوعه بين المجمل ومفصله؛ أعني: علمت نفس و إن الأبرار و وإن الفجار وأما قوله تعالى: بل تكذبون بالدين ففي الكشف إما أن يكون ترشيحا لقوة اغترارهم بإيهام أنهم أسوأ حالا من المكذبين تغليظا، وإما لصحة خطاب الكل بما وجد فيما بينهم. وقرأ ابن جبير «ما أغرك» بهمزة؛ فاحتمل أن يكون تعجبا وأن تكون ما استفهامية كما في قراءة الجمهور، و «أغرك» بمعنى أدخلك في الغرة. والأعمش: