وقوله تعالى: يوم يقوم الناس لرب العالمين أي: لحكمه تعالى وقضائه عز وجل منصوب بإضمار أعني، وجوز أن يكون معمولا ل «مبعوثون» أو مرفوع المحل خبرا لمبتدأ مضمر؛ أي: هو أو ذلك يوم، أو مجرور كما قال بدلا من «يوم عظيم» وهو على الوجهين مبني على الفتح لإضافته إلى الفعل وإن كان مضارعا كما هو رأي الكوفيين وقد مر غير مرة. ويؤيد الوجهين قراءة الفراء «يوم» بالرفع قراءة بعضهم كما حكى زيد بن علي: أبو معاذ: «يوم» بالجر وفي هذا الإنكار والتعجيب وإيراد الظن والإتيان باسم الإشارة ووصف يوم قيامهم بالعظمة وإبدال يوم يقوم إلخ منه على القول به ووصفه [ ص: 71 ] تعالى بربوبية العالمين من البيان البليغ لعظم الذنب وتفاقم الإثم في التطفيف ما لا يخفى وليس ذلك نظرا إلى التطفيف من حيث هو تطفيف بل من حيث إن الميزان قانون العدل الذي قامت به السماوات والأرض فيعم الحكم التطفيف على الوجه الواقع من أولئك المطففين وغيره.
وصح من رواية الحاكم وغيرهما عن والطبراني وغيره مرفوعا: ابن عباس «خمس بخمس» قيل: يا رسول الله، وما خمس بخمس؟ قال: «ما نقض قوم العهد إلا سلط الله تعالى عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله تعالى إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر».
وعن أنه كان يمر بالبائع فيقول: اتق الله تعالى وأوف الكيل؛ فإن المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن حتى إن العرق ليلجمهم. وعن ابن عمر أشهد أن كل كيال ووزان في النار. فقيل له: إن ابنك كيال ووزان. فقال: أشهد أنه في النار، وكأنه أراد المبالغة لما علم أن الغالب فيهم التطفيف. ومن هذا القبيل ما روي عن عكرمة: رضي الله تعالى عنه: لا تلتمس الحوائج ممن رزقه في رؤوس المكاييل وألسن الموازين. والله تعالى أعلم. أبي
واستدل بقوله تعالى: يوم يقوم إلخ على لاختصاصه بالله تعالى، وأجاب عنه منع القيام للناس الجلال السيوطي بأنه خاص بالقيام للمرء بين يديه، أما القيام له إذا قدم ثم الجلوس فلا. وأنت تعلم أن الآية بمعزل عن أن يستدل بها على ما ذكر ليحتاج إلى هذا الجواب وأرى الاستدلال بها على ذلك من العجب العجاب.