وعليه يكون سجين لشر موضع في جهنم. وجاء في آثار عدة أنه موضع تحت الأرض السابعة ولا منافاة بين ذلك وبين الخبر المذكور بناء على القول بأن جهنم تحت الأرض. وفي الكشف: لا يبعد أن يكون سجين علم الكتاب وعلم الموضع أيضا جمعا بين ظاهر الآية وظواهر الأخبار، وبعض من ذهب إلى أنه في الآية علم الموضع قال: «وما أدراك سجين» على حذف مضاف؛ أي: وما أدراك ما كتاب سجين. وقال من قال بذلك فكتاب عنده مرفوع على أنه خبر «إن» والظرف الذي هو ابن عطية: لفي سجين ملغى، وتعقب بأن إلغاءه لا يتسنى إلا إذا كان معمولا للخبر أعني ( كتاب ) أو لصفته أعني ( مرقوم ) وذلك لا يجوز لأن ( كتاب ) موصوف فلا يعمل، ولأن ( مرقوم ) الذي هو [ ص: 72 ] صفته لا يجوز أن تدخل اللام في معموله ولا يجوز أن يتقدم معموله على الموصوف وفيه نظر. وقيل: ( كتاب ) خبر ثان لإن، وقيل: خبر كمبتدأ محذوف هو ضمير راجع إلى كتاب الفجار ومناط الفائدة الوصف، والجملة في البين اعتراضية، وكلا القولين خلاف الظاهر. وعن أن: ( سجين ) عبارة عن الخسار والهوان كما تقول: بلغ فلان الحضيض. إذا صار في غاية الخمول. والكلام في عكرمة وما أدراك إلخ عليه يعلم مما ذكرنا وهذا خلاف المشهور. وزعم بعض اللغويين أن نونه بدل من لام، وأصله سجيل فهو كجبرين في جبريل. فليس مشتقا من السجن أصلا. و«مرقوم» من رقم الكتاب إذا أعجمه وبينه لئلا يلغو أي كتاب بين الكتابة، أو من رقم الكتاب إذا جعل له رقما؛ أي: علامة أي كتاب معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه. وقال ابن عباس ( مرقوم ) مختوم بلغة والضحاك: حمير، وذكر بعضهم أنه يقال: رقم الكتاب بمعنى ختمه، ولم يخصه بلغة دون لغة. وفي البحر: ( مرقوم ) أي: مثبت كالرقم لا يبلى ولا يمحى وهو كما ترى.
وشاع الرقم في الكتابة؛ قال وهو أصل معناه، ومنه قول الشاعر: أبو حيان:
سأرقم في الماء القراح إليكم على بعدكم إن كان للماء راقم
وأما الرقم المعروف عند أهل الحساب فالظاهر أنه بمعنى العلامة، وخص بعلامة العدد فيما بينهم.