ويقال: سورة انشقت وهي مكية بلا خلاف، وآيها ثلاث وعشرون آية في البصري والشامي وخمس وعشرون في غيرهما، ووجه مناسبتها لما قبلها يعلم مما نقلناه عن الجلال السيوطي فيما قبل وأوجز بعضهم في بيان وجه ترتيب هذه السور الثلاث فقال: إن في انفطرت التعريف بالحفظة الكاتبين وفي المطففين مقر كتبهم وفي هذه عرضها في القيامة.
بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انشقت أي: بالغمام كما روي عن وذهب إليه ابن عباس الفراء كما في البحر، ويشهد له قوله تعالى: والزجاج ويوم تشقق السماء بالغمام فالقرآن يفسر بعضه بعضا، وقيل: تنشق لهول يوم القيامة لقوله تعالى: وانشقت السماء فهي يومئذ واهية وبحث فيه بأنه لا ينافي أن يكون الانشقاق بالغمام.
وأخرج عن ابن أبي حاتم كرم الله تعالى وجهه أنها تنشق من المجرة. علي
وفي الآثار: أنها باب السماء، وأهل الهيئة يقولون إنها نجوم صغار متقاربة جدا غير متميزة في الحسن ويظهر ذلك ظهورا بينا لمن نظر إليها بالأرصاد، ولا منافاة على ما قيل من أن المراد بكونها باب السماء أن مهبط الملائكة عليهم السلام ومصعدهم من جهتها؛ وذلك بجامع كونها نجوما صغارا متقاربة غير متميزة في الحسن.
وخبر: معاذا إلى أهل اليمن فقال له: «يا إنهم سائلوك عن المجرة، فقل: هي لعاب حية تحت العرش». معاذ، إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أرسل
ومنه قيل: إنها في البحر المكفوف تحت السماء لا يكاد يصح. والقول المذكور لا ينبغي أن يحكى إلا لينبه على حاله. وقرأ عبيد بن عقيل عن «انشقت» وكذا ما بعد من نظائره بإشمام التاء مكسرا في الوقف. وحكى عنه أيضا الكسر أبي عمرو: أبو عبيد الله بن خالويه وذلك لغة طيئ على ما قيل. وعن سمعت أعرابيا فصيحا في بلاد قيس يكسر هذه التاء؛ أي: تاء التأنيث اللاحقة للفعل وهي لغة، ولعل ذلك لأن الفواصل قد تجرى مجرى القوافي، فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي كما في قول كثير عزة من قصيدة: أبي حاتم:
وما أنا بالداعي لعزة بالردى ولا شامت إن قيل عزة ذلت
إلى غير ذلك من أبيات تلك القصيدة تكسر في الفواصل، وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف كقوله تعالى: «الظنونا» و «الرسولا» في سورة الأحزاب، وحمل الوصل على حالة الوقف موجود أيضا في الفواصل.