واستشكل بأن قوله تعالى: الذي خلق إلخ إن كان صفة للرب كما هو الظاهر لزم الفصل بين الموصوف وصفته بصفة غيره وهو لا يجوز فلا يقال: رأيت غلام هند العاقل الحسنة، وإن كان صفة لاسم أيضا اختل المعنى؛ إذ الاسم لا يتصف بالخلق وما بعده. [ ص: 104 ] وأجيب باختيار الثاني ولا اختلال، إما لأن الاسم بمعنى المسمى، أو لأنه لما كان مقحما كان اسم ربك بمنزلة ربك، فصح وصفه بما يوصف به الرب عز وجل وفيه نظر، والجواب المقبول أن الذي على ذلك التقدير إما مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو منصوب على المدح، ومفعول خلق محذوف؛ ولذا قيل بالعموم؛ أي الذي خلق كل شيء.
فسوى أي: فجعله متساويا وهو أصل معناه، والمراد فجعل خلقه كما تقتضيه حكمته سبحانه في ذاته وصفاته وفي معناه ما قيل؛ أي: فجعل الأشياء سواء في باب الأحكام والإتقان لا أنه سبحانه أتقن بعضا دون بعض، ورد بما دلت عليه الآية من العموم على المعتزلة في زعمهم أن العبد خالق لأفعاله، مع أن مذهبه مذهبهم قال هنا بالعموم، ولعله لم يرد العموم الحقيقي أو أراده لكن على معنى: خلق كل شيء إما بالذات أو بالواسطة، وجعل ذلك في والزمخشري بأقداره سبحانه وتمكينهم على خلقها باختيارهم وقدرهم الموهوبة لهم، وعن أفعال العباد خلق كل ذي روح الكلبي: فسوى بين يديه وعينيه ورجليه. وعن خلق الإنسان فعدل قامته ولم يجعله منكوسا كالبهائم، وفي كل تخصيص لا يقتضيه ظاهر الحذف. الزجاج