وأنقض ظهري ما تطويت منهم وكنت عليهم مشفقا متحننا
[ ص: 169 ] وإسناد الإنقاض للحمل إسناد للسبب الحامل مجازا، والمراد بالحمل المنقض هنا ما صدر منه صلى الله تعالى عليه وسلم قبل البعثة مما يشق عليه صلى الله تعالى عليه وسلم تذكره لكونه في نظره العالي دون ما هو عليه الصلاة والسلام بعد، أو غفلته عن الشرائع ونحوها مما لا يدرك إلا بالوحي مع تطلبه صلى الله تعالى عليه وسلم له أو حيرته عليه الصلاة والسلام في بعض الأمور كأداء حق الرسالة أو الوحي وتلقيه؛ فقد كان يثقل عليه صلى الله تعالى عليه وسلم في ابتداء أمره جدا، أو ما كان يرى صلى الله تعالى عليه وسلم من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم لعدم طاعتهم له وإذعانهم للحق، أو ما كان يرى من تعديهم في إيذائه عليه الصلاة والسلام أو همه عليه الصلاة والسلام من وفاة أبي طالب بناء على نزول السورة بعد وفاتهما، ويراد بوضعه على الأول مغفرته، وعلى الثاني إزالته غفلته عليه الصلاة والسلام عنه بتعليمه إياه بالوحي ونحوه، وعلى الثالث إزالة ما يؤدي للحيرة، وعلى الرابع تيسيره له صلى الله تعالى عليه وسلم بتدربه واعتياده له، وعلى الخامس توفيق بعضهم للإسلام وخديجة كحمزة وغيرهما، وعلى السادس تقويته صلى الله تعالى عليه وسلم على التحمل، وعلى السابع إزالة ذلك برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياه، وفوزه بمشاهدة محبوبه الأعظم ومولاه عز وجل. وأيا ما كان ففي الكلام استعارة تمثيلية، والوضع ترشيح لها وليس فيه دليل لنا في وعمر كما لا يخفى. واختار العصمة كون وضع الوزر كناية عن عصمته صلى الله تعالى عليه وسلم عن الذنوب وتطهيره من الأدناس. عبر عن ذلك بالوضع على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك كما يقول القائل: رفعت عنك مشقة الزيارة. لمن لم يصدر منه زيارة على طريق المبالغة في انتفاء الزيارة منه له، والتمثيل عليه بحاله على ما قيل. وقيل: المراد وزر أمتك وإنما أضيف إليه صلى الله تعالى عليه وسلم لاهتمامه بشأنه وتفكره في أمره، والمراد بوضعه رفع غائلته في الدنيا من العذاب العاجل ما دام صلى الله تعالى عليه وسلم فيهم وما داموا يستغفرون فقد قال سبحانه: أبو حيان وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ولا يخفى بعد هذا الوجه. وقرأ «وحططنا» و: «حللنا» مكان: ( وضعنا ) . وقرأ أنس: «وحللنا عنك وقرك». ابن مسعود: