وقيل: المراد: ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم منفقين أعماركم في طلب الدنيا والاشتياق إليها والتهالك عليها إلى أن أتاكم الموت لا هم لكم غيرها عما هو أولى بكم من السعي لعاقبتكم والعمل لآخرتكم، وصدره قد أخرجه عن ابن المنذر وهو ابن عباس وابن أبي حاتم عن وابن أبي شيبة وزيارة المقابر عليه عبارة عن الموت كما قال الشاعر: الحسن،
إني رأيت الضمد شيئا نكرا لن يخلص العام خليل عشرا
ذاق الضماد أو يزور القبرا
وقال جرير:
زار القبور أبو مالك فأصبح ألأم زوارها
وفي ذلك إشارة إلى تحقق البعث. يحكى أن أعرابيا سمع ذلك فقال: بعث القوم للقيامة ورب الكعبة؛ فإن الزائر منصرف لا مقيم. وعن أنه قال: لا بد لمن زار أن يرجع إلى جنة أو نار وفيه أيضا إشارة إلى قصر زمن اللبث في القبور، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع أو لتغليب من مات أولا أو لجعل موت آبائهم بمنزلة موتهم. ومما يقضي منه العجب قول عمر بن عبد العزيز إن الله عز وجل يتكلم بهذه السورة يوم القيامة تعييرا للكفار وهم في ذلك الوقت قد تقدمت منهم زيارة القبور. وقيل: هذا تأنيب على الإكثار من زيارة القبور تكثرا بمن سلف ومباهاة وتفاخرا به لا اتعاظا وتذكرا للآخرة كما هو المشروع، ويشير إليه خبر أبي مسلم: أبي داود: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة».
ولا يخفى أن الآية بمعزل عن ذلك، نعم لا كلام في ذم للتفاخر بالمزور أو للتباهي بالزيارة كما يفعل كثير من الجهلة المنتسبين إلى المتصوفة في زياراتهم لقبور المشايخ عليهم الرحمة هذا مع ما لهم فيها من منكرات اعتقدوها طاعات وشنائع اتخذوها شرائع إلى أمور تضيق عنها صدور السطور. وقرأ زيارة القبور ابن عباس وعائشة ومعاوية وأبو عمران الجوني وأبو صالح ومالك بن دينار وأبو الجوزاء وجماعة: «آلهاكم» بالمد على الاستفهام. وروي عن رضي الله عنه أبي بكر الصديق أيضا وابن عباس والشعبي وأبي العالية وابن أبي عبلة في رواية: «أألهاكم» بهمزتين والاستفهام للتقرير. والكسائي