وإذا لآتيناهم لأعطيناهم من لدنا من عندنا أجرا ثوابا عظيما لا يعرف أحد مبدأه، ولا يبلغ منتهاه، وإنما ذكر (من لدنا) تأكيدا ومبالغة وهو متعلق بـ(آتيناهم).
وجوز أن يكون حالا من (أجرا) والواو للعطف و(لآتيناهم) معطوف على (لكان خيرا لهم) لفظا، و(إذا) مقحمة للدلالة على أن هذا الجزاء الأخير بعد ترتب التالي السابق على المقدم، ولإظهار ذلك وتحقيقه قال المحققون: إنه جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: وماذا يكون [ ص: 75 ] لهم بعد التثبيت، فقيل: (وإذا) لو ثبتوا (لآتيناهم) وليس مرادهم أنه جواب لسؤال مقدر لفظا ومعنى، وإلا لم يكن لاقترانه بالواو وجه، وإظهار (لو) ليس لأنها مقدرة، بل لتحقيق أن ذلك جواب للشرط، لكن بعد اعتبار جوابه الأول، والمراد بالجواب في قولهم جميعا: إن (إذا) حرف جواب دائما أنها تكون في كلام مبتدأ، بل هو في كلام مبني على شيء تقدمه ملفوظ، أو مقدر، سواء كان شرطا أو كلام سائل أو نحوه، كما أنه ليس المراد بالجزاء اللازم لها أو الغالب، إلا ما يكون مجازاة لفعل فاعل، سواء السائل وغيره، وبهذا تندفع الشبه الموردة في هذا المقام.
وزعم الطيبي أن ما أشرنا إليه من التقدير تكلف من ثلاثة أوجه، وهو توهم منشأه الغفلة عن المراد كالذي زعمه العلامة الثاني، فتدبر.
ولهديناهم صراطا مستقيما وهو المراتب بعد الإيمان التي تفتح أبوابها للعاملين، فقد أخرج في الحيلة، عن أبو نعيم قال: قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: أنس «من عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم»، وقال المعنى: ولهديناهم في الآخرة إلى طريق الجنة. الجبائي: