nindex.php?page=treesubj&link=30384_33401_34141_34290_34476_34478_34479_34480_7856_7920_7961_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95لا يستوي القاعدون شروع في
nindex.php?page=treesubj&link=7862الحث على الجهاد ليأنفوا عن تركه، وليرغبوا عما يوجب خللا فيه، والمراد بالقاعدين الذين أذن لهم في القعود عن الجهاد اكتفاء بغيرهم، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - «هم القاعدون عن
بدر» وهو الظاهر الموافق للتاريخ على ما قيل.
وقال
أبو حمزة: إنهم المتخلفون عن
تبوك، وروي أن الآية نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك من
بني سلمة، ومرارة بن الربيع من
بني عمرو بن عوف، والربيع، وهلال بن أمية من
بني واقف، حين تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك الغزوة.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95من المؤمنين حال من القاعدين، وجوز أن يكون من الضمير المستتر فيه، وفائدة ذلك الإيذان من أول الأمر بأن القعود عن الجهاد لا يقعد بهم عن الإيمان، والإشعار بعلة استحقاقهم لما سيأتي من الحسنى أي: لا يعتدل المتخلفون عن الجهاد حال كونهم كائنين من المؤمنين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95غير أولي الضرر بالرفع على أنه صفة (للقاعدون) وهو إن كان معرفة و(غير) لا تتعرف في مثل هذا الموضع لكنه غير مقصود منه قاعدون بعينهم، بل الجنس، فأشبه الجنس فصح وصفه بها.
وزعم
عصام الدين أن (غير) هنا معرفة و(غير أولي الضرر) بمعنى من لا ضرر له، ونقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرضي، وبه ضعف ما تقدم أن المعرف باللام المبهم وإن كان في حكم النكرة لكنه لا يوصف بما توصف به النكرة، بل يتعين أن تكون صفته جملة فعلية فعلها مضارع كما في قوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني فأصد ثم أقول ما يعنيني
واستحسن بعضهم جعله بدلا من (القاعدون) لأن (أل) فيه موصولة، والمعروف إرادة الجنس في المعرف بالألف واللام، وبينهما فرق، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج الرفع على الاستثناء، وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي فيه، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بالنصب على أنه حال، وهو نكرة لا معرفة، أو على الاستثناء ظهر إعراب ما بعده عليه.
وقرئ بالجر على أنه صفة للمؤمنين، أو بدل منه، وكون النكرة لا تبدل من المعرفة إلا موصوفة أكثري لا كلي و(الضرر): المرض والعلل التي لا سبيل معها إلى الجهاد، وفي معناها أو هو داخل فيها العجز عن الأهبة، وقد نزلت الآية وليس فيها (غير أولي الضرر) ثم نزل بعد.
فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن
خارجة بن زيد قال: قال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت: nindex.php?page=hadith&LINKID=674069«كنت أكتب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتف (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون) وابن أم مكتوم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، قد أنزل الله تعالى في فضل الجهاد ما أنزل وأنا رجل ضرير فهل لي من رخصة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أدرى، قال زيد: وقلمي رطب ما جف، حتى غشى النبي - صلى الله عليه وسلم – الوحي، ووقع فخذه على فخذي، حتى كادت تدق من ثقل الوحي ثم جلي عنه فقال لي: اكتب يا زيد nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95غير أولي الضرر). nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95والمجاهدون في سبيل الله في منهاج دينه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95بأموالهم إنفاقا فيما يوهن كيد الأعداء
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وأنفسهم حملا لها على الكفاح عند اللقاء، وكلا الجارين متعلق بـ(المجاهدون) وأوردوا بهذا العنوان دون عنوان الخروج المقابل لوصف المعطوف عليه، وقيده بما قيده؛ مدحا لهم وإشعارا بعلة استحقاقهم لعلو المرتبة مع ما فيه من حسن موقع السبيل في مقابلة القعود كما قيل.
وقيل: إنما أوردوا بعنوان الجهاد؛
[ ص: 122 ] إشعارا بأن القعود كان عنه، ولكن ترك التصريح به هناك رعاية لهم في الجملة، وقدم (القاعدون) على (المجاهدين) ولم يؤخر عنهم ليتصل التصريح بتفضيلهم بهم، وقيل: للإيذان من أول الأمر بأن القصور الذي ينبئ عنه عدم الاستواء من جهة القاعدين لا من جهة مقابليهم، فإن مفهوم عدم الاستواء بين الشيئين المتفاوتين زيادة ونقصانا - وإن جاز اعتباره بحسب زيادة الزائد - لكن المتبادر اعتباره بحسب قصور القاصر، وعليه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور إلى غير ذلك.
وأما قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون فلعل تقديم الفاضل فيه؛ لأن صلته ملكة لصلة المفضول.
وأنت تعلم أنه لا تزاحم في النكات، وأنه قد يكون في شيء واحد جهة تقديم وجهة تأخير، فتعتبر هذه تارة وتلك أخرى، وإنما قدم سبحانه وتعالى هنا ذكر الأموال على الأنفس وعكس في قوله عز شأنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم لأن النفس أشرف من المال، فقدم المشترى النفس؛ تنبيها على أن الرغبة فيها أشد، وأخر البائع؛ تنبيها على أن المماسكة فيها أشد، فلا يرضى ببذلها إلا في فائدة، وعلى ذلك النمط جاء أيضا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95فضل الله المجاهدين في سبيله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من المؤمنين (غير أولي الضرر
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95درجة لا يقادر قدرها، ولا يبلغ كنهها، وهذا تصريح بما أفهمه نفي المساواة، فإنه يستلزم التفضيل، إلا أنه لم يكتف بما فهم اعتناء به، وليتمكن أشد تمكن، ولكون الجملة مبينة وموضحة لما تقدم لم تعطف عليه، وجوز أن تكون جواب سؤال ينساق إليه المقال، كأنه قيل: كيف وقع ذلك التفضيل؟ فقيل: (فضل الله) إلخ، واللام - كما أشرنا إليه - في الجمعين للعهد، ولا يأباه كون مدخولها وصفا - كما قيل - إذ كثيرا ما ترد (أل) فيه للتعريف كما صرح به النحاة و(درجة) منصوب على المصدر؛ لتضمنها التفضيل لأنها المنزلة والمرتبة، وهي تكون في الترقي والفضل، فوقعت موقع المصدر، كأنه قيل: فضلهم تفضيلة، وذلك مثل قولهم: ضربته سوطا، أي: ضربة، وقيل: على الحال أي: ذوي درجة، وقيل: على التمييز، وقيل: على تقدير حذف الجار، أي: بدرجة، وقيل: هو واقع موقع الظرف، أي: في درجة ومنزلة.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وكلا مفعول أول لما يعقبه، قدم عليه لإفادة القصر؛ تأكيدا للوعد، وتنوينه عوض عن المضاف إليه، أي: كل واحد من الفريقين المجاهدين والقاعدين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وعد الله المثوبة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95الحسنى وهي الجنة، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وغيره، لا أحدهما فقط.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن (وكل) بالرفع على الابتداء، فالمفعول الأول - وهو العائد في جملة الخبر - محذوف أي: وعده، وكأن التزام النصب في المتواترة؛ لأن قبله جملة فعلية، وبذلك خالف ما في الحديد، و(الحسنى) على القراءتين هو المفعول الثاني، والجملة اعتراض جيء به تداركا لما عسى يوهمه تفضيل أحد الفريقين على الآخر من حرمان المفضول.
وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وفضل الله المجاهدين على القاعدين عطف على ما قبله، وأغنت (أل) عن ذكر ما ترك على سبيل التدريج من القيود، وإنما لم يعتبر التدريج في ترك ما ذكر مع القاعدين أولا بأن يترك (من المؤمنين) فقط ويذكر (غير أولي الضرر) في الآية الأولى، ويتركهما معا في الآية الثانية بل تركهما دفعة واحدة عند أول قصد التدريج قيل: لأن قيد (غير أولي الضرر) كان بعد السؤال، كما يشير إليه سبب النزول.
وفي بعض أخباره أن
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم لما نزلت الآية جعل يقول: أي رب أين عذري؟ أي رب: أين عذري؟ فنزل ذلك، فانسدت باب الحاجة إليه، وقنع السائل بذكره مرة فأسقط مع ما معه الساقط لذلك القصد دفعة، ولا كذلك
[ ص: 123 ] ما ذكر مع المجاهدين، فإن الإتيان به كان عن محض الفضل والامتنان من غير سابقة سؤال، فلما فتحت باب الإسقاط اعتبر فيه التدريج؛ فرقا بين المقامين.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95أجرا عظيما مصدر مؤكد لـ(فضل) وهو - وإن كان بمعنى أعطى الفضل وهو أعم من الأجر لأنه ما يكون في مقابلة أمر - لكن أريد به هنا الأخص؛ لأنه في مقابلة الجهاد، ويجوز أن يبقى على معناه، و(أجرا) مفعول به، ولتضمنه معنى الإعطاء نصب المفعول، أي: أعطاهم زيادة (على القاعدين أجرا عظيما) وقيل: هو منصوب بنزع الخافض، أي: فضلهم بأجر.
وجعله صفة لقوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=30384_33401_34141_34290_34476_34478_34479_34480_7856_7920_7961_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ شُرُوعٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7862الْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ لِيَأْنَفُوا عَنْ تَرْكِهِ، وَلْيَرْغَبُوا عَمَّا يُوجِبُ خَلَلًا فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَاعِدِينَ الَّذِينَ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْقُعُودِ عَنِ الْجِهَادِ اكْتِفَاءً بِغَيْرِهِمْ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «هُمُ الْقَاعِدُونَ عَنْ
بَدْرٍ» وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِلتَّارِيخِ عَلَى مَا قِيلَ.
وَقَالَ
أَبُو حَمْزَةَ: إِنَّهُمُ الْمُتَخَلِّفُونَ عَنْ
تَبُوكَ، وَرُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَنْ
بَنِي سَلِمَةَ، وَمَرَارَةَ بْنِ الرَّبِيعِ مِنْ
بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَالرَّبِيعِ، وَهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ مِنْ
بَنِي وَاقِفٍ، حِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَالٌ مِنَ الْقَاعِدِينَ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ الْإِيذَانُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِأَنَّ الْقُعُودَ عَنِ الْجِهَادِ لَا يَقْعُدُ بِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ، وَالْإِشْعَارِ بِعِلَّةِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِمَا سَيِأْتِي مِنَ الْحُسْنَى أَيْ: لَا يَعْتَدِلُ الْمُتَخَلِّفُونَ عَنِ الْجِهَادِ حَالَ كَوْنِهِمْ كَائِنِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ (لِلْقَاعِدُونَ) وَهُوَ إِنْ كَانَ مَعْرِفَةً وَ(غَيْرُ) لَا تَتَعَرَّفُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنْهُ قَاعِدُونَ بِعَيْنِهِمْ، بَلِ الْجِنْسُ، فَأَشْبَهَ الْجِنْسَ فَصَحَّ وَصْفُهُ بِهَا.
وَزَعَمَ
عِصَامُ الدِّينِ أَنَّ (غَيْرُ) هُنَا مَعْرِفَةٌ وَ(غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) بِمَعْنَى مَنْ لَا ضَرَرَ لَهُ، وَنُقِلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرَّضِيِّ، وَبِهِ ضُعِّفَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَرَّفَ بِاللَّامِ الْمُبْهَمَ وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ لَكِنَّهُ لَا يُوصَفُ بِمَا تُوصَفُ بِهِ النَّكِرَةُ، بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ صِفَتُهُ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً فِعْلُهَا مُضَارِعٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي فَأَصُدُّ ثُمَّ أَقُولُ مَا يَعْنِينِي
وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُهُمْ جَعْلَهُ بَدَلًا مِنَ (الْقَاعِدُونَ) لِأَنَّ (أَلْ) فِيهِ مَوْصُولَةٌ، وَالْمَعْرُوفُ إِرَادَةُ الْجِنْسِ فِي الْمُعَرَّفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ الرَّفْعَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ فِيهِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ، nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ، وَهُوَ نَكِرَةٌ لَا مَعْرِفَةٌ، أَوْ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ ظَهَرَ إِعْرَابُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ.
وَقُرِئَ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ، وَكَوْنُ النَّكِرَةِ لَا تُبْدَلُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ إِلَّا مَوْصُوفَةً أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ وَ(الضَّرَرِ): الْمَرَضُ وَالْعِلَلُ الَّتِي لَا سَبِيلَ مَعَهَا إِلَى الْجِهَادِ، وَفِي مَعْنَاهَا أَوْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا الْعَجْزُ عَنِ الْأُهْبَةِ، وَقَدْ نَزَلَتِ الْآيَةُ وَلَيْسَ فِيهَا (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ثُمَّ نَزَلَ بَعْدُ.
فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ، عَنْ
خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=674069«كُنْتُ أَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كَتِفٍ (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنُينَ وَالْمُجَاهِدُونَ) وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَضْلِ الْجِهَادِ مَا أَنْزَلَ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرٌ فَهَلْ لِي مِنْ رُخْصَةٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أَدْرَى، قَالَ زَيْدٌ: وَقَلَمِي رَطْبٌ مَا جَفَّ، حَتَّى غَشَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الْوَحْيُ، وَوَقَعَ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، حَتَّى كَادَتْ تَدِقُّ مِنْ ثِقَلِ الْوَحْيِ ثُمَّ جُلِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي: اكْتُبْ يَا زَيْدُ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ). nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي مِنْهَاجِ دِينِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95بِأَمْوَالِهِمْ إِنْفَاقًا فِيمَا يُوهِنُ كَيْدَ الْأَعْدَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَأَنْفُسِهِمْ حَمْلًا لَهَا عَلَى الْكِفَاحِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَكِلَا الْجَارَّيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِـ(الْمُجَاهِدُونَ) وَأُورِدُوا بِهَذَا الْعُنْوَانِ دُونَ عُنْوَانِ الْخُرُوجِ الْمُقَابِلِ لِوَصْفِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَهُ بِمَا قَيَّدَهُ؛ مَدْحًا لَهُمْ وَإِشْعَارًا بِعِلَّةِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِعُلُوِّ الْمَرْتَبَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ مَوْقِعِ السَّبِيلِ فِي مُقَابَلَةِ الْقُعُودِ كَمَا قِيلَ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أُورِدُوا بِعُنْوَانِ الْجِهَادِ؛
[ ص: 122 ] إِشْعَارًا بِأَنَّ الْقُعُودَ كَانَ عَنْهُ، وَلَكِنْ تُرِكَ التَّصْرِيحُ بِهِ هُنَاكَ رِعَايَةً لَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ، وَقُدِّمَ (الْقَاعِدُونَ) عَلَى (الْمُجَاهِدِينَ) وَلَمْ يُؤَخَّرْ عَنْهُمْ لِيَتَّصِلَ التَّصْرِيحُ بِتَفْضِيلِهِمْ بِهِمْ، وَقِيلَ: لِلْإِيذَانِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِأَنَّ الْقُصُورَ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْهُ عَدَمُ الِاسْتِوَاءِ مِنْ جِهَةِ الْقَاعِدِينَ لَا مِنْ جِهَةِ مُقَابِلِيهِمْ، فَإِنَّ مَفْهُومَ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْمُتَفَاوِتَيْنِ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا - وَإِنْ جَازَ اعْتِبَارُهُ بِحَسَبِ زِيَادَةِ الزَّائِدِ - لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ اعْتِبَارُهُ بِحَسَبِ قُصُورِ الْقَاصِرِ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ فَلَعَلَّ تَقْدِيمُ الْفَاضِلِ فِيهِ؛ لِأَنَّ صِلَتَهُ مَلِكَةٌ لِصِلَةِ الْمَفْضُولِ.
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا تَزَاحُمَ فِي النِّكَاتِ، وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ جِهَةُ تَقْدِيمٍ وَجِهَةُ تَأْخِيرٍ، فَتُعْتَبَرُ هَذِهِ تَارَةً وَتِلْكَ أُخْرَى، وَإِنَّمَا قَدَّمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُنَا ذِكْرَ الْأَمْوَالِ عَلَى الْأَنْفُسِ وَعَكَسَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لِأَنَّ النَّفْسَ أَشْرَفُ مِنَ الْمَالِ، فَقَدَّمَ الْمُشْتَرَى النَّفْسَ؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهَا أَشَدُّ، وَأَخَّرَ الْبَائِعَ؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمُمَاسَكَةَ فِيهَا أَشَدُّ، فَلَا يَرْضَى بِبَذْلِهَا إِلَّا فِي فَائِدَةٍ، وَعَلَى ذَلِكَ النَّمَطِ جَاءَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95دَرَجَةً لَا يُقَادَرُ قَدْرُهَا، وَلَا يُبْلَغُ كُنْهُهَا، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ، فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ التَّفْضِيلَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِمَا فُهِمَ اعْتِنَاءً بِهِ، وَلِيَتَمَكَّنَ أَشَدَّ تَمَكُّنٍ، وَلِكَوْنِ الْجُمْلَةِ مُبَيِّنَةً وَمُوَضِّحَةً لِمَا تَقَدَّمَ لَمْ تُعْطَفْ عَلَيْهِ، وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ جَوَابَ سُؤَالٍ يَنْسَاقُ إِلَيْهِ الْمَقَالُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ وَقَعَ ذَلِكَ التَّفْضِيلُ؟ فَقِيلَ: (فَضَّلُ اللَّهُ) إِلَخْ، وَاللَّامُ - كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ - فِي الْجَمْعَيْنِ لِلْعَهْدِ، وَلَا يَأْبَاهُ كَوْنُ مَدْخُولِهَا وَصْفًا - كَمَا قِيلَ - إِذْ كَثِيرًا مَا تَرِدُ (أَلْ) فِيهِ لِلتَّعْرِيفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ وَ(دَرَجَةً) مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ لِتَضَمُّنِهَا التَّفْضِيلَ لِأَنَّهَا الْمَنْزِلَةُ وَالْمَرْتَبَةُ، وَهِيَ تَكُونُ فِي التَّرَقِّي وَالْفَضْلِ، فَوَقَعَتْ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَضَّلَهُمْ تَفْضِيلَةً، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: ضَرَبْتُهُ سَوْطًا، أَيْ: ضَرْبَةً، وَقِيلَ: عَلَى الْحَالِ أَيْ: ذَوِي دَرَجَةٍ، وَقِيلَ: عَلَى التَّمْيِيزِ، وَقِيلَ: عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْجَارِّ، أَيْ: بِدَرَجَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الظَّرْفِ، أَيْ: فِي دَرَجَةٍ وَمَنْزِلَةٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَكُلا مَفْعُولٌ أَوَّلُ لِمَا يَعْقُبُهُ، قُدِّمَ عَلَيْهِ لِإِفَادَةِ الْقَصْرِ؛ تَأْكِيدًا لِلْوَعْدِ، وَتَنْوِينُهُ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ الْمُجَاهِدِينَ وَالْقَاعِدِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَعَدَ اللَّهُ الْمَثُوبَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ، لَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ (وَكُلٌّ) بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، فَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ - وَهُوَ الْعَائِدُ فِي جُمْلَةِ الْخَبَرِ - مَحْذُوفٌ أَيْ: وَعْدُهُ، وَكَأَنَّ الْتِزَامَ النَّصْبِ فِي الْمُتَوَاتِرَةِ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً، وَبِذَلِكَ خَالَفَ مَا فِي الْحَدِيدِ، وَ(الْحُسْنَى) عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَالْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ جِيءَ بِهِ تَدَارُكًا لِمَا عَسَى يُوهِمُهُ تَفْضِيلُ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ حِرْمَانِ الْمَفْضُولِ.
وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَأَغْنَتْ (أَلْ) عَنْ ذِكْرِ مَا تُرِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ مِنَ الْقُيُودِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرِ التَّدْرِيجُ فِي تَرْكِ مَا ذُكِرَ مَعَ الْقَاعِدِينَ أَوَّلًا بِأَنْ يَتْرُكَ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فَقَطْ وَيَذْكُرَ (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) فِي الْآيَةِ الْأُولَى، وَيَتْرُكَهُمَا مَعًا فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بَلْ تَرَكَهُمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً عِنْدَ أَوَّلِ قَصْدِ التَّدْرِيجِ قِيلَ: لِأَنَّ قَيْدَ (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) كَانَ بَعْدَ السُّؤَالِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ سَبَبُ النُّزُولِ.
وَفِي بَعْضِ أَخْبَارِهِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ جَعَلَ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَيْنَ عُذْرِي؟ أَيْ رَبِّ: أَيْنَ عُذْرِي؟ فَنَزَلَ ذَلِكَ، فَانْسَدَّتْ بَابُ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَقَنِعَ السَّائِلُ بِذِكْرِهِ مَرَّةً فَأُسْقِطَ مَعَ مَا مَعَهُ السَّاقِطُ لِذَلِكَ الْقَصْدِ دُفْعَةً، وَلَا كَذَلِكَ
[ ص: 123 ] مَا ذُكِرَ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ، فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ كَانَ عَنْ مَحْضِ الْفَضْلِ وَالِامْتِنَانِ مِنْ غَيْرِ سَابِقَةِ سُؤَالٍ، فَلَمَّا فُتِحَتْ بَابُ الْإِسْقَاطِ اعْتُبِرَ فِيهِ التَّدْرِيجُ؛ فَرْقًا بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95أَجْرًا عَظِيمًا مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِـ(فَضَّلَ) وَهُوَ - وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى أَعْطَى الْفَضْلِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ مَا يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ أَمْرٍ - لَكِنْ أُرِيدَ بِهِ هُنَا الْأَخَصَّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْجِهَادِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْقَى عَلَى مَعْنَاهُ، وَ(أَجْرًا) مَفْعُولٌ بِهِ، وَلِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْإِعْطَاءِ نَصَبَ الْمَفْعُولَ، أَيْ: أَعْطَاهُمْ زِيَادَةً (عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) وَقِيلَ: هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: فَضَّلَهُمْ بِأَجْرٍ.
وَجَعْلُهُ صِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: