ولله ما في السماوات إلخ، تهديد على الكفر، أي أنه تعالى قادر على عقوبتكم بما يشاء، ولا منجى عن عقوبته، فإن جميع ما في السماوات والأرض له، وقوله - عز وجل -: وكان الله غنيا حميدا للإشارة إلى أنه - جل وعلا – لا يتضرر بكفرهم.
وقوله سبحانه: ولله ما في السماوات وما في الأرض يحتمل أن يكون كلاما مبتدأ مسوقا للمخاطبين؛ توطئة لما بعده من الشرطية، أي: له سبحانه ما فيهما من الخلائق خلقا وملكا، يتصرف في ذلك كيفما يشاء، إيجادا وإعداما، وإحياء وإماتة، ويحتمل أن يكون كالتكميل للتذييل ببيان الدليل، فإن جميع المخلوقات تدل لحاجتها وفقرها الذاتي على غناه، وبما أفاض سبحانه عليها من الوجود والخصائص والكمالات على كونه (حميدا).
وكفى بالله وكيلا تذييل لما قبله، والوكيل هو المقيم والكفيل بالأمر الذي يوكل إليه، وهذا على الإطلاق هو الله تعالى، وفي النهاية يقال: وكل فلان فلانا إذا استكفاه أمره؛ ثقة أو عجزا عن القيام بأمر نفسه، والوكيل في أسماء الله تعالى هو القيم بأرزاق العباد، وحقيقته أنه يستقل بالأمر الموكول إليه، ولا يخفى أن الاقتصار على الأرزاق قصور فعمم (وتوكل على الله تعالى).
وادعى - بيض الله تعالى غرة أحواله - أن هذه الجملة راجعة إلى قوله سبحانه: البيضاوي يغن الله كلا من سعته فإنه إذا توكلت وفوضت فهو الغني؛ لأن من توكل على الله - عز وجل –كفاه، ولما كان ما بينهما تقريرا له لم يعد فاصلا، ولا يخفى أنه على بعده لا حاجة إليه.