قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين شديدي البطش، متغلبين لا تتأتى مقاومتهم، ولا تجز لهم ناصية، والجبار صيغة مبالغة من ( جبر ) الثلاثي على القياس، لا من ( أجبره ) على خلافه، كالحساس من الإحساس، وهو الذي يقهر الناس ويكرههم كائنا من كان على ما يريده كائنا ما كان، ومعناه في البخل ما فات اليد طولا، وكان هؤلاء القوم من العمالقة بقايا قوم عاد، وكانت لهم أجسام ليست لغيرهم.
أخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، عن ابن حجيرة قال: استظل سبعون رجلا من قوم موسى - عليه السلام - في قحف رجل من العمالقة.
وأخرج في شعب الإيمان، عن البيهقي قال: بلغني أنه رؤيت ضبع وأولادها رابضة في فجاج عين رجل منهم، إلى غير ذلك من الأخبار، وهي عندي كأخبار زيد بن أسلم عوج بن عنق ، وهي حديث خرافة.
وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها بقتال غيرنا، أو بسبب يخرجهم الله تعالى به؛ فإنه لا طاقة لنا بإخراجهم منها، وهذا امتناع عن القتال على أتم وجه.
[ ص: 107 ] فإن يخرجوا منها بسبب من الأسباب التي لا تعلق لنا بها فإنا داخلون فيها حينئذ، وأتوا بهذه الشرطية مع كون مضمونها مفهوما مما تقدم تصريحا بالمقصود، وتنصيصا على أن امتناعهم من دخولها ليس إلا لمكانهم فيها، وأتوا في الجزاء بالجملة الاسمية المصدرة بـ( إن ) دلالة على تقرر الدخول وثباته عند تحقق الشرط لامحالة، وإظهارا لكمال الرغبة فيه، وفي الامتثال بالأمر: