هذا، ومن باب الإشارة في الآيات:
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء ) أي ألزمناهم ذلك لتخالف دواعي قواهم باحتجابهم عن نور التوحيد، وبعدهم عن العالم القدسي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14إلى يوم القيامة ) أي إلى وقت قيامهم بظهور نور الروح، أو القيامة الكبرى بظهور نور التوحيد (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) وذلك عند الموت، وظهور الخسران بظهور الهيئات القبيحة المؤذية الراسخة فيهم.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم ) بحسب الدواعي والمقتضيات (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15كثيرا مما كنتم تخفون ) عن الناس في أنفسكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15من الكتاب ويعفو عن كثير ) إذا لم تدع إليه داعية (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قد جاءكم من الله نور ) أبرزته العناية الإلهية، من مكامن العماء (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15وكتاب ) خطه قلم الباري، في صحائف الإمكان، جامعا لكل كمال، وهما إشارة إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ولذلك وحد الضمير في قوله سبحانه: (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يهدي به الله ) أي بواسطته (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16من اتبع رضوانه ) أي من أراد ذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16سبل السلام ) وهي الطرق الموصلة إليه عز وجل.
وقد قال بعض العارفين: الطرق إلى الله تعالى مسدودة إلا على من اتبع النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16ويخرجهم من الظلمات ) وهي ظلمات الشك والاعتراضات النفسانية والخطرات الشيطانية (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16إلى النور ) وهو نور الرضا والتسليم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16ويهديهم إلى صراط مستقيم ) وهو طريق الترقي في المقامات العلية، وقد يقال: الجملة الأولى إشارة إلى توحيد الأفعال، والثانية إلى توحيد الصفات، والثالثة إلى توحيد الذات.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) فحصروا الألوهية فيه، وقيدوا الإله بتعينه - وهو الوجود المطلق - حتى عن قيد الإطلاق (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ) فإن كل ذلك من التعينات والشؤون، والله من ورائهم محيط.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما ) أي عالم الأرواح، وعالم الأجساد، وعالم الصور (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17يخلق ما يشاء ) ويظهر ما أراد من الشؤون (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ) فادعوا بنوة الأسرار، والقرب من حضرة نور الأنوار، وقد قال ذلك قوم من المتقدمين، كما مرت الإشارة إليه، وقال ما يقرب من ذلك بعض المتأخرين، فقال
الواسطي : ابن الأزل والأبد، لكن هؤلاء القوم لم يعرفوا الحقائق، ولم يذوقوا طعم الدقائق، فرد الله تعالى دعواهم بقوله سبحانه: (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18قل فلم يعذبكم بذنوبكم ) والأبناء والأحباب لا يذنبون فيعذبون، أو لا يمتحنون؛ إذ قد خرجوا من محل الامتحان من حيث الأشباح (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18بل أنتم بشر ممن خلق ) كسائر عباد الله تعالى، لا امتياز لكم عليهم بشيء كما تزعمون (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18يغفر لمن يشاء ) منهم فضلا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18ويعذب من يشاء ) منهم عدلا.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا ) بالولاية ومعرفة الصفات، أو بسلطنة الوجد، وقوة الحال، وعزة علم المعرفة، أو مالكين أنفسكم بمنعها عن غير طاعتي، والملوك عندنا الأحرار من رق الكونين وما فيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ) أي عالمي زمانكم، ومنه اجتلاء نور التجلي من وجه
موسى - عليه السلام – (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة ) وهي حضرة القلب
[ ص: 123 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21التي كتب الله لكم ) في القضاء السابق حسب الاستعداد (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21ولا ترتدوا على أدباركم ) في الميل إلى مدينة البدن، والإقبال عليه بتحصيل لذاته (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21فتنقلبوا خاسرين ) لتفويتكم أنوار القلب وطيباته.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين ) وهي صفات النفس (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ) بأن يصرفهم الله تعالى بلا رياضة منا ولا مجاهدة، أو يضعفوا عن الاستيلاء بالطبع (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) حينئذ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23قال رجلان من الذين يخافون ) سوء عاقبة ملازمة الجسم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23أنعم الله عليهما ) بالهداية إلى الصراط السوي، وهما العقل النظري والعقل العملي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23ادخلوا عليهم الباب ) أي باب قرية القلب، وهو التوكل بتجلي الأفعال، كما أن باب قرية الروح هو الرضا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ) بخروجكم عن أفعالكم وحولكم، ويدل على أن الباب هو التوكل قوله تعالى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) بالحقيقة، وهو الإيمان عن حضور، وأقل درجاته تجلي الأفعال (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا ) أولئك الجبارين عنا وأزيلاهم؛ لتخلو لنا الأرض (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24إنا ها هنا قاعدون ) أي ملازمون مكاننا في مقام النفس، معتكفون على الهوى واللذات (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=26قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ) أي أرض الطبيعة، وذلك مدة بقائهم في مقام النفس، وكان ينزل عليهم من سماء الروح نور عقد المعاش، فينتفعون بضوئه.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27واتل عليهم نبأ ابني آدم ) القلب، اللذين هما
هابيل العقل
وقابيل الوهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إذ قربا قربانا ) وذلك - كما قال بعض العارفين -: إن توأمة العقل البوذا العاقلة العملية المدبرة لأمر المعاش والمعاد، بالآراء الصالحة، المقتضية للأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، المستنبطة لأنواع الصناعات والسياسات، وتوأمة الوهم إقليميا القوة المتخيلة المتصرفة في المحسوسات والمعاني الجزئية؛ لتحصيل الآراء الشيطانية، فأمر
آدم القلب بتزوج الوهم توأمة العقل لتدبره بالرياضات الإذعانية والسياسات الروحانية، وتصاحبه بالقياسات العقلية البرهانية، فتسخره للعقل، وتزويج العقل توأمة الوهم ليجعلها صالحة، ويمنعها عن شهوات التخيلات الفاسدة، وأحاديث النفس الكاذبة، ويستعمل فيما ينفع، فيستريح أبوها وينتفع، فحسد
قابيل الوهم
هابيل العقل لكون توأمته أجمل عنده وأحب إليه، لمناسبتها إياه، فأمرا عند ذلك بالقربان ، فقربا قربانا فتقبل من أحدهما ، وهو هابيل العقل بأن نزلت نار من السماء فأكلته، والمراد بها العقل الفعال النازل من سماء عالم الأرواح، وأكله إفاضته النتيجة على الصورة القياسية التي هي قربان العقل وعمله الذي يتقرب به إلى الله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27ولم يتقبل من الآخر ) وهو
قابيل الوهم؛ إذ يمتنع قبول الصورة الوهمية؛ لأنها لا تطابق ما في نفس الأمر.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27قال لأقتلنك ) لمزيد حسده بزيادة قرب العقل من الله تعالى وبعده عن رتبة الوهم في مدركاته وتصرفاته، وقتله إياه إشارة إلى منعه عن فعله، وقطع مدد الروح، ونور الهداية الإلهية - الذي به الحياة - عنه، بإيراد التشكيكات الوهمية والمعارضات في تحصيل المطالب النظرية (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27قال إنما يتقبل الله من المتقين ) الذين يتحذون الله تعالى وقاية، أو يحذرون الهيئات المظلمة البدنية، والأهواء المردية، والتسويلات المهلكة.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ) أي إني لا أبطل أعمالك التي هي سديدة في مواضعها (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28إني أخاف الله رب العالمين ) أي لأني أعرف الله سبحانه، فأعلم أنه خلقك لشأن، وأوجدك لحكمة، ومن جملة ذلك أن أسباب المعاش لا تحصل إلا بالوهم، ولولا الأمل بطل العمل (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ) أي بإثم قتلي وإثم عملك من الآراء الباطلة (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29فتكون من أصحاب النار ) وهي نار الحجاب والحرمان (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29وذلك جزاء الظالمين ) الواضعين للأشياء في غير موضعها، كما وضع الأحكام الحسية موضع المعقولات (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله ) بمنعه عن أفعاله الخاصة
[ ص: 124 ] وحجبه عن نور الهداية (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فأصبح من الخاسرين ) لتضرره باستيلائه على العقل؛ فإن الوهم إذا انقطع عن معاضدة العقل حمل النفس على أمور تتضرر منها.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فبعث الله غرابا ) وهو غراب الحرص (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31يبحث في الأرض ) أي أرض النفس (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31ليريه كيف يواري سوءة أخيه ) وهو العقل المنقطع عن حياة الروح، المشوب بالوهم والهوى، المحجوب عن عالمه في ظلمات أرض النفس (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي ) بإخفائها في ظلمة النفس فأنتفع بها (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فأصبح من النادمين ) عند ظهور الخسران، وحصول الحرمان (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) لأن الواحد مشتمل على ما يشتمل عليه جميع أفراد النوع، وقيام النوع بالواحد كقيامه بالجميع في الخارج، ولا اعتبار بالعدد، فإن حقيقة النوع لا تزيد بزيادة الأفراد، ولا تنقص بنقصها، ويقال في جانب الأحياء مثل ذلك.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) أي أولياءهما (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33ويسعون في الأرض فسادا ) بتثبيط السالكين (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أن يقتلوا ) بسيف الخذلان (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أو يصلبوا ) بحبل الهجران على جذع الحرمان (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أو تقطع أيديهم ) عن أذيال الوصال (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33وأرجلهم من خلاف ) عن الاختلاف والتردد إلى للسالكين (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أو ينفوا من الأرض ) أي أرض القربة والائتلاف، فلا يلتفت إليهم السالك، ولا يتوجه لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33ذلك لهم خزي ) وهوان (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) لعظم جنايتهم، وقد جاء أن الله تعالى يغضب لأوليائه كما يغضب الليث للحرب، «
nindex.php?page=hadith&LINKID=656021ومن أذى وليا فقد آذنته بالمحاربة ».
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
هَذَا، وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الْآيَاتِ:
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ) أَيْ أَلْزَمْنَاهُمْ ذَلِكَ لِتَخَالُفِ دَوَاعِي قُوَاهُمْ بِاحْتِجَابِهِمْ عَنْ نُورِ التَّوْحِيدِ، وَبُعْدِهِمْ عَنِ الْعَالَمِ الْقُدْسِيِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) أَيْ إِلَى وَقْتِ قِيَامِهِمْ بِظُهُورِ نُورِ الرُّوحِ، أَوِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى بِظُهُورِ نُورِ التَّوْحِيدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَظُهُورِ الْخُسْرَانِ بِظُهُورِ الْهَيْئَاتِ الْقَبِيحَةِ الْمُؤْذِيَةِ الرَّاسِخَةِ فِيهِمْ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ ) بِحَسَبِ الدَّوَاعِي وَالْمُقْتَضَيَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ ) عَنِ النَّاسِ فِي أَنْفُسِكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) إِذَا لَمْ تَدَعُ إِلَيْهِ دَاعِيَةٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ ) أَبْرَزَتْهُ الْعِنَايَةُ الْإِلَهِيَّةُ، مِنْ مَكَامِنِ الْعَمَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15وَكِتَابٌ ) خَطَّهُ قَلَمُ الْبَارِي، فِي صَحَائِفِ الْإِمْكَانِ، جَامِعًا لِكُلِّ كَمَالٍ، وَهُمَا إِشَارَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَلِكَ وُحِّدَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يَهْدِي بِهِ اللَّهُ ) أَيْ بِوَاسِطَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ ) أَيْ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16سُبُلَ السَّلامِ ) وَهِيَ الطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: الطُّرُقُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَسْدُودَةٌ إِلَّا عَلَى مَنِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ ) وَهِيَ ظُلُمَاتُ الشَّكِّ وَالِاعْتِرَاضَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ وَالْخَطِرَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16إِلَى النُّورِ ) وَهُوَ نُورُ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وَهُوَ طَرِيقُ التَّرَقِّي فِي الْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْجُمْلَةُ الْأُولَى إِشَارَةٌ إِلَى تَوْحِيدِ الْأَفْعَالِ، وَالثَّانِيَةُ إِلَى تَوْحِيدِ الصِّفَاتِ، وَالثَّالِثَةُ إِلَى تَوْحِيدِ الذَّاتِ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) فَحَصَرُوا الْأُلُوهِيَّةَ فِيهِ، وَقَيَّدُوا الْإِلَهَ بِتَعَيُّنِهِ - وَهُوَ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ - حَتَّى عَنْ قَيْدِ الْإِطْلَاقِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ التَّعَيُّنَاتِ وَالشُّؤُونِ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ) أَيْ عَالَمُ الْأَرْوَاحِ، وَعَالَمُ الْأَجْسَادِ، وَعَالَمُ الصُّوَرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ) وَيُظْهِرُ مَا أَرَادَ مِنَ الشُّؤُونِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) فَادَّعَوْا بُنُوَّةَ الْأَسْرَارِ، وَالْقُرْبَ مِنْ حَضْرَةِ نُورِ الْأَنْوَارِ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، كَمَا مَرَّتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَالَ
الْوَاسِطِيُّ : ابْنُ الْأَزَلِ وَالْأَبَدِ، لَكِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ لَمْ يَعْرِفُوا الْحَقَائِقَ، وَلَمْ يَذُوقُوا طَعْمَ الدَّقَائِقَ، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى دَعْوَاهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ) وَالْأَبْنَاءُ وَالْأَحْبَابُ لَا يُذْنِبُونَ فَيُعَذَّبُونَ، أَوْ لَا يُمْتَحَنُونَ؛ إِذْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ مَحَلِّ الِامْتِحَانِ مِنْ حَيْثُ الْأَشْبَاحُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ) كَسَائِرِ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا امْتِيَازَ لَكُمْ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ كَمَا تَزْعُمُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ) مِنْهُمْ فَضْلًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ) مِنْهُمْ عَدْلًا.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا ) بِالْوِلَايَةِ وَمَعْرِفَةِ الصِّفَاتِ، أَوْ بِسَلْطَنَةِ الْوَجْدِ، وَقُوَّةِ الْحَالِ، وَعِزَّةِ عِلْمِ الْمَعْرِفَةِ، أَوْ مَالِكِينَ أَنْفُسَكُمْ بِمَنْعِهَا عَنْ غَيْرِ طَاعَتِي، وَالْمُلُوكُ عِنْدَنَا الْأَحْرَارُ مِنْ رِقِّ الْكَوْنَيْنِ وَمَا فِيهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ) أَيْ عَالِمِي زَمَانِكُمْ، وَمِنْهُ اجْتِلَاءُ نُورِ التَّجَلِّي مِنْ وَجْهِ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ – (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ) وَهِيَ حَضْرَةُ الْقَلْبِ
[ ص: 123 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) فِي الْقَضَاءِ السَّابِقِ حَسَبَ الِاسْتِعْدَادِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ ) فِي الْمَيْلِ إِلَى مَدِينَةِ الْبَدَنِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ بِتَحْصِيلِ لَذَّاتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) لِتَفْوِيتِكُمْ أَنْوَارَ الْقَلْبِ وَطَيِّبَاتِهِ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) وَهِيَ صِفَاتُ النَّفْسِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا ) بِأَنْ يَصْرِفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِلَا رِيَاضَةٍ مِنَّا وَلَا مُجَاهَدَةٍ، أَوْ يَضْعُفُوا عَنِ الِاسْتِيلَاءِ بِالطَّبْعِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) حِينَئِذٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ ) سُوءَ عَاقِبَةِ مُلَازَمَةِ الْجِسْمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ) بِالْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ السَّوِيِّ، وَهُمَا الْعَقْلُ النَّظَرِيُّ وَالْعَقْلُ الْعَمَلِيُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ ) أَيْ بَابَ قَرْيَةِ الْقَلْبِ، وَهُوَ التَّوَكُّلُ بِتَجَلِّي الْأَفْعَالِ، كَمَا أَنَّ بَابَ قَرْيَةِ الرُّوحِ هُوَ الرِّضَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ) بِخُرُوجِكُمْ عَنْ أَفْعَالِكُمْ وَحَوْلِكُمْ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَابَ هُوَ التَّوَكُّلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) بِالْحَقِيقَةِ، وَهُوَ الْإِيمَانُ عَنْ حُضُورٍ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ تَجَلِّي الْأَفْعَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا ) أُولَئِكَ الْجَبَّارِينَ عَنَّا وَأَزِيلَاهُمْ؛ لِتَخْلُوَ لَنَا الْأَرْضُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ ) أَيْ مُلَازِمُونَ مَكَانَنَا فِي مَقَامِ النَّفْسِ، مُعْتَكِفُونَ عَلَى الْهَوَى وَاللَّذَّاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=26قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ ) أَيْ أَرْضِ الطَّبِيعَةِ، وَذَلِكَ مُدَّةُ بَقَائِهِمْ فِي مَقَامِ النَّفْسِ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِنْ سَمَاءِ الرُّوحِ نُورُ عَقْدِ الْمَعَاشِ، فَيَنْتَفِعُونَ بِضَوْئِهِ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ ) الْقَلْبِ، اللَّذَيْنِ هُمَا
هَابِيلُ الْعَقْلِ
وَقَابِيلُ الْوَهْمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا ) وَذَلِكَ - كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ -: إِنَّ تَوْأَمَةَ الْعَقْلِ الْبُوذَا الْعَاقِلَةُ الْعَمَلِيَّةُ الْمُدَبِّرَةُ لِأَمْرِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، بِالْآرَاءِ الصَّالِحَةِ، الْمُقْتَضِيَةِ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ، الْمُسْتَنْبِطَةِ لِأَنْوَاعِ الصِّنَاعَاتِ وَالسِّيَاسَاتِ، وَتَوْأَمَةَ الْوَهْمِ إِقْلِيمِيَا الْقُوَّةُ الْمُتَخَيَّلَةُ الْمُتَصَرِّفَةُ فِي الْمَحْسُوسَاتِ وَالْمَعَانِي الْجُزْئِيَّةِ؛ لِتَحْصِيلِ الْآرَاءِ الشَّيْطَانِيَّةِ، فَأَمَرَ
آدَمُ الْقَلْبُ بِتَزَوُّجِ الْوَهْمِ تَوْأَمَةَ الْعَقْلِ لِتُدَبِّرَهُ بِالرِّيَاضَاتِ الْإِذْعَانِيَّةِ وَالسِّيَاسَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ، وَتُصَاحِبُهُ بِالْقِيَاسَاتِ الْعَقْلِيَّةِ الْبُرْهَانِيَّةِ، فَتُسَخِّرُهُ لِلْعَقْلِ، وَتَزْوِيجِ الْعَقْلِ تَوْأَمَةَ الْوَهْمِ لِيَجْعَلَهَا صَالِحَةً، وَيَمْنَعَهَا عَنْ شَهَوَاتٍ التَّخَيُّلَاتِ الْفَاسِدَةِ، وَأَحَادِيثِ النَّفْسِ الْكَاذِبَةِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَنْفَعُ، فَيَسْتَرِيحُ أَبُوهَا وَيَنْتَفِعُ، فَحَسَدَ
قَابِيلُ الْوَهْمِ
هَابِيلَ الْعَقْلِ لَكَوْنِ تَوْأَمَتِهِ أَجْمَلَ عِنْدَهُ وَأَحَبَّ إِلَيْهِ، لِمُنَاسَبَتِهَا إِيَّاهُ، فَأُمِرَا عِنْدَ ذَلِكَ بِالْقُرْبَانِ ، فَقَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَهُوَ هَابِيلُ الْعَقْلِ بِأَنْ نَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهُ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْعَقْلُ الْفَعَّالُ النَّازِلُ مِنْ سَمَاءِ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ، وَأَكْلُهُ إِفَاضَتُهُ النَّتِيجَةَ عَلَى الصُّورَةِ الْقِيَاسِيَّةِ الَّتِي هِيَ قُرْبَانُ الْعَقْلِ وَعَمَلُهُ الَّذِي يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ ) وَهُوَ
قَابِيلُ الْوَهْمِ؛ إِذْ يُمْتَنَعُ قَبُولُ الصُّورَةِ الْوَهْمِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُطَابِقُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ ) لِمَزِيدِ حَسَدِهِ بِزِيَادَةِ قُرْبِ الْعَقْلِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبُعْدِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْوَهْمِ فِي مُدْرَكَاتِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ، وَقَتْلُهُ إِيَّاهُ إِشَارَةٌ إِلَى مَنْعِهِ عَنْ فِعْلِهِ، وَقَطْعِ مَدَدِ الرُّوحِ، وَنُورِ الْهِدَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ - الَّذِي بِهِ الْحَيَاةُ - عَنْهُ، بِإِيرَادِ التَّشْكِيكَاتِ الْوَهْمِيَّةِ وَالْمُعَارَضَاتِ فِي تَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ النَّظَرِيَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) الَّذِينَ يَتَّحِذُونَ اللَّهَ تَعَالَى وِقَايَةً، أَوْ يَحْذَرُونَ الْهَيْئَاتِ الْمُظْلِمَةَ الْبَدَنِيَّةَ، وَالْأَهْوَاءَ الْمُرْدِيَةَ، وَالتَّسْوِيلَاتِ الْمُهْلِكَةَ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ ) أَيِ إِنِّي لَا أُبْطِلُ أَعْمَالَكَ الَّتِي هِيَ سَدِيدَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) أَيْ لِأَنِّي أَعْرِفُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، فَأَعْلَمُ أَنَّهُ خَلَقَكَ لِشَأْنٍ، وَأَوَجَدَكَ لِحِكْمَةٍ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّ أَسْبَابَ الْمَعَاشِ لَا تُحَصَّلُ إِلَّا بِالْوَهْمِ، وَلَوْلَا الْأَمَلُ بَطَلَ الْعَمَلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) أَيْ بِإِثْمِ قَتْلِي وَإِثْمِ عَمَلِكَ مِنَ الْآرَاءِ الْبَاطِلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) وَهِيَ نَارُ الْحِجَابِ وَالْحَرَمَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ) الْوَاضِعِينَ لِلْأَشْيَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، كَمَا وُضِعَ الْأَحْكَامُ الْحِسِّيَّةُ مَوْضِعَ الْمَعْقُولَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ ) بِمَنْعِهِ عَنْ أَفْعَالِهِ الْخَاصَّةِ
[ ص: 124 ] وَحَجْبِهِ عَنْ نُورِ الْهِدَايَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) لِتَضَرُّرِهِ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى الْعَقْلِ؛ فَإِنَّ الْوَهْمَ إِذَا انْقَطَعَ عَنْ مُعَاضَدَةِ الْعَقْلِ حَمَلَ النَّفْسَ عَلَى أُمُورٍ تَتَضَرَّرُ مِنْهَا.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا ) وَهُوَ غُرَابُ الْحِرْصِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ ) أَيْ أَرْضِ النَّفْسِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ) وَهُوَ الْعَقْلُ الْمُنْقَطِعُ عَنْ حَيَاةِ الرُّوحِ، الْمَشُوبُ بِالْوَهْمِ وَالْهَوَى، الْمَحْجُوبُ عَنْ عَالَمِهِ فِي ظُلُمَاتِ أَرْضِ النَّفْسِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ) بِإِخْفَائِهَا فِي ظُلْمَةِ النَّفْسِ فَأَنْتَفِعَ بِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) عِنْدَ ظُهُورِ الْخُسْرَانِ، وَحُصُولِ الْحِرْمَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مِنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) لِأَنَّ الْوَاحِدَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَفْرَادِ النَّوْعِ، وَقِيَامُ النَّوْعِ بِالْوَاحِدِ كَقِيَامِهِ بِالْجَمِيعِ فِي الْخَارِجِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْعَدَدِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ النَّوْعِ لَا تَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْأَفْرَادِ، وَلَا تَنْقُصُ بِنَقْصِهَا، وَيُقَالُ فِي جَانِبِ الْأَحْيَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) أَيْ أَوْلِيَاءَهُمَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا ) بِتَثْبِيطِ السَّالِكِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أَنْ يُقَتَّلُوا ) بِسَيْفِ الْخِذْلَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أَوْ يُصَلَّبُوا ) بِحَبْلِ الْهِجْرَانِ عَلَى جِذْعِ الْحِرْمَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ ) عَنْ أَذْيَالِ الْوِصَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ ) عَنِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّرَدُّدِ إِلَى لِلسَّالِكِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ) أَيْ أَرْضِ الْقُرْبَةِ وَالِائْتِلَافِ، فَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمُ السَّالِكُ، وَلَا يَتَوَجَّهُ لَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ ) وَهَوَانٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) لِعِظَمِ جِنَايَتِهِمْ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْضَبُ لِأَوْلِيَائِهِ كَمَا يَغْضَبُ اللَّيْثُ لِلْحَرْبِ، «
nindex.php?page=hadith&LINKID=656021وَمَنْ أَذَى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْمُحَارَبَةِ ».
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.