لولا ينهاهم الربانيون والأحبار قال : الربانيون علماء الإنجيل، والأحبار علماء التوراة، وقال غيره: كلهم في اليهود ؛ لأنه يتصل بذكرهم، و( لولا ) الداخلة على المضارع - كما قرره الحسن وغيره – للتحضيض، والداخلة على الماضي للتوبيخ، والمراد هنا تحضيض الذين يقتدي بهم أفناؤهم - ويعلمون قباحة ما هم فيه، وسوء مغبته - على نهي أسافلهم. ابن الحاجب
عن قولهم الإثم وأكلهم السحت مع علمهم بقبحهما، واطلاعهم على مباشرتهم لهما، وفي البحر: إن هذا التحضيض يتضمن توبيخهم على السكوت وترك النهي لبئس ما كانوا يصنعون الكلام فيه كالكلام السابق في نظيره، خلا أن هذا أبلغ مما تقدم في حق العامة؛ لما تقرر في اللغة والاستعمال أن الفعل ما صدر عن الحيوان مطلقا، فإن كان عن قصد سمي عملا، ثم إن حصل بمزاولة وتكرر حتى رسخ وصار ملكة له سمي صنعا وصنعة وصناعة، فلذا كان الصنع أبلغ لاقتضائه الرسوخ، ولذا يقال للحاذق: صانع، وللثوب الجيد النسج: صنيع، كما قاله ، ففي الآية إشارة إلى أن ترك النهي أقبح من الارتكاب، ووجه بأن المرتكب له في المعصية لذة وقضاء وطر بخلاف المقر له، ولذا ورد: إن جرم الديوث أعظم من الزانيين. الراغب
واستشكل ذلك بأنه يلزم عليه أن ترك النهي عن الزنا والقتل أشد إثما منهما، وهو بعيد، وأجيب بأنه لا يبعد أن يكون إثم ترك النهي - ممن يؤثر نهيه كف المنهي عن فعل المنهي عنه - أشد من إثم المرتكب كيفما كان مرتكبه قتلا أو زنا أو غيرهما.
وقال : إن قيد الأشدية يختلف بالاعتبار، فكونه أشد باعتبار ارتكاب ما لا فائدة له فيه ينافي كون المباشرة أكثر إثما منه، فتأمل. الشهاب
وفي الآية مما ينعى على العلماء توانيهم في النهي عن المنكرات ما لا يخفى، ومن هنا قال : ما أخوفني من هذه الآية، وعن الضحاك - رضي الله تعالى عنهما - أنه قال: ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية. ابن عباس
وقرئ: ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم العدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون ).