يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر وهو المسكر المتخذ من عصير العنب أو كل ما يخامر العقل ويغطيه من الأشربة
وروي هذا عن رضي الله تعالى عنهما، والميسر وهو القمار وعدوا منه اللعب بالجوز والكعاب ابن عباس والأنصاب وهي الأصنام المنصوبة للعبادة وفرق بعضهم بين الأنصاب والأصنام بأن الأنصاب حجارة لم تصور كانوا ينصبونها للعبادة ويذبحون عندها والأصنام ما صور وعبد من دون الله عز وجل والأزلام وهي القداح وقد تقدم الكلام في ذلك على أتم وجه رجس أي قذر تعاف عنه العقول وعن : الرجس كل ما استقذر من عمل قبيح، وأصل معناه الصوت الشديد ولذا يقال للغمام رجاس لرعده والرجز بمعناه عند بعضهم [ ص: 16 ] وفرق الزجاج ابن دريد بين الرجس والرجز والركس، فجعل الرجس الشر والرجز العذاب والركس العذرة والنتن، وإفراد الرجس مع أنه خبر عن متعدد لأنه مصدر يستوي فيه القليل والكثير، ومثل ذلك قوله تعالى: إنما المشركون نجس ، وقيل : لأنه خبر عن الخمر وخبر المعطوفات محذوف ثقة بالمذكور، وقيل : لأن في الكلام مضافا إلى تلك الأشياء وهو خبر عنه أي إنما شأن هذه الأشياء أو تعاطيها رجس، وقوله سبحانه من عمل الشيطان في موضع الرفع على أنه صفة رجس أي كائن من عمله لأنه مسبب من تزيينه وتسويله، وقيل: إن (من) للابتداء أي ناشئ من عمله وعلى التقديرين لا ضير في جعل ذلك من العمل وإن كان ما ذكر من الأعيان ودعوى أنه إذا قدر المضاف لم يحتج إلى ملاحظة علاقة السببية ولا إلى القول بأن (من) ابتدائية يخلو عن نظر فاجتنبوه أي الرجس أو جميع ما مر بتأويل ما مر أو التعاطي المقدر أو الشيطان لعلكم تفلحون
9
- أي راجين فلاحكم أو لكي تفلحوا بالاجتناب عنه وقد مر الكلام في ذلك، ولقد أكد سبحانه تحريم الخمر والميسر في هذه الآية بفنون التأكيد حيث صدرت الجملة بـ (إنما) وقرنا بالأصنام والأزلام وسميا رجسا من عمل الشيطان تنبيها على غاية قبحهما وأمر بالاجتناب عن عينهما بناء على بعض الوجوه وجعله سببا يرجى منه الفلاح فيكون ارتكابهما خيبة