إذا صافى صديقك من تعادي فقد عاداك وانقطع الكلام،
وقيل : الولي بمعنى الناصر كما هو أحد معانيه المشهورة، ويعلم من إنكار اتخاذ غير الله تعالى ناصرا أنه لا يتخذه معبودا من باب الأولى، ويحتمل الكلام على ما قيل أن يكون من الإخراج على خلاف مقتضى الظاهر قصدا إلى إمحاض النصح ليكون أعون على القبول كما في قوله تعالى : وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعونفاطر السماوات والأرض أي مبدعها كما أخرجه عن ابن أبي حاتم رضي الله تعالى عنهما [ ص: 110 ] وأخرج ابن عباس أبو عبيدة وابن جرير عنه رضي الله تعالى عنه قال : كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها يقول : أنا ابتدأتها، وهو نعت للجلالة مؤكد للإنكار، وصح وقوعه نعتا للمعرفة لأنه بمعنى الماضي سواء كان كلاما من الله تعالى ابتداء أو محكيا عن الرسول صلى الله عليه وسلم إذ المعتبر زمان الحكم لا زمان التكلم ويدل على إرادة المضي أنه قرأ وابن الأنباري فطر، ولا يضر الفصل بينهما بالجملة لأنها ليست بأجنبية إذ هي عاملة في عامل الموصوف، وقيل : بدل من الاسم الجليل ورجحه الزهري بأن الفصل فيه أسهل، وقرئ بالرفع والنصب على المدح أي هو فاطر أو أمدح فاطرا، وجوز أن يكون النصب على البدلية من (وليا) لا الوصفية لأنه معرفة، نعم يجوز على قراءة أبو حيان أن تكون الجملة وصفية له الزهري
وهو يطعم ولا يطعم أي يرزق ولا يرزق كما أخرجه وغيره عن ابن جرير فالمراد من المطعم الرزق بمعناه اللغوي وهو كل ما ينتفع به بدليل وقوعه مقابلا له في قوله تعالى : السدي، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون وعبر بالخاص عن العام مجازا لأنه أعظمه وأكثره لشدة الحاجة إليه، ويحتمل أنه اكتفي بذكره عن ذكره لأنه يعلم من ذلك نفي ما سواه فهو حقيقة، والجملة محل نصب على الحالية وعن أبي عمرو والأعمش أنهم قرءوا: ولا يطعم بفتح الياء والعين أي ولا يأكل والضمير لله تعالى، ومثله قراءة عبلة بفتح الياء وكسر العين، وقرأ وعكرمة يعقوب بعكس القراءة الأولى أعني بناء الأول للمفعول والثاني للفاعل، والضمير حينئذ في الفعلين لغير الله تعالى أي أتخذ من هو مرزوق غير رازق وليا، والكلام وإن كان من عبدة الأصنام إلا أنه نظر إلى عموم غير الله تعالى وتغليب أولى العقول كعيسى عليه الصلاة والسلام لأن فيه إنكار أن يصلح الأصنام للألوهية من طريق الأولى، وقد يقال : الكلام كناية عن كونه مخلوقا غير خالق كقوله تعالى : لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ويحمل الفعل على معنى النفع لا يرد شيء رأسا، وقرأ الأشهب (وهو يطعم ولا يطعم) ببنائهما للفاعل، ووجهت إما بأن أفعل بمعنى استفعل كما ذكره أي وهو يطعم ولا يستطعم أي لا يطلب طعاما ويأخذه من غيره أو بأن المعنى يطعم تارة ولا يطعم أخرى، كقوله سبحانه وتعالى: الأزهري يقبض ويبسط والضميران لله تعالى، ورجوع الضمير الثاني لغير الله تعالى تكلف يحتاج إلى التقدير، قل بعد بيان أن اتخاذ غيره تعالى وليا مما يقضي ببطلانه بديهة العقول إني أمرت من جناب ولي جل شأنه أن أكون أول من أسلم وجهه لله سبحانه وتعالى مخلصا له لأن النبي عليه الصلاة والسلام مأمور بما شرعه إلا ما كان من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهو إمام أمته ومقتداهم وينبغي لكل آمر أن يكون هو العامل أولا بما أمر به ليكون أدعى للامتثال، ومن ذلك كما حكى الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين
وقيل : إن ما ذكر للتحريض كما يأمر الملك رعيته بأمر ثم يقول وأنا أول من يفعل ذلك ليحملهم على الامتثال وإلا فلم يصدر عنه صلى الله عليه وسلم امتناع عن ذلك حتى يؤمر به، وفيه نظر ولا تكونن من المشركين
41
- أي في أمر من أمور الدين، وفي الكلام قول مقدر أي وقيل لي لا تكونن، قالوا و(من) للحكاية عاطفة للقول المقدر على أمرت، وحاصل المعنى إني أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك، وقيل : إنه معطوف على مقول.