nindex.php?page=treesubj&link=18791_29678_30614_34190_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله وقال شيخ الإسلام : إنه لما تحقق اختصاصه تعالى بالحكمية لاستقلاله بما يوجب ذلك من إنزال الكتاب الفاصل بين الحق والباطل وتمام صدق كلامه وكمال عدله في أحكامه وامتناع وجود من يبدل شيئا منها واستبداده سبحانه بالإحاطة التامة بجميع المسموعات والمعلومات عقب ذلك ببيان أن الكفرة متصفون بنقائص تلك الكمالات من النقائص التي هي الضلال والإضلال واتباع الظنون الفاسدة الناشئ من الجهل والكذب على الله تعالى إبانة الكلام مباينة حالهم لما يرمونه وتحذيرا عن الركون إليهم والعمل بآرائهم فقال سبحانه ما قال ويحتمل أن يكون هذا من باب الإرشاد إلى اتباع القرآن والتمسك به بعد بيان كماله على أكمل وجه خطاب له صلى الله تعالى عليه وسلم ولأمته .
وقيل : خوطب عليه الصلاة والسلام وأريد غيره والمراد بمن في الأرض الناس وبأكثرهم الكفار وقيل : ما يعمهم وغيرهم من الجهال واتباع الهوى وقيل : أهل
مكة والأرض أرضها وأكثر أهلها كانوا حينئذ كفارا .
ومن الناس من زعم أن هذا نهي في المعنى عن متابعة غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذ هم والكرام قليل أقل الناس عددا وقد قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=90فبهداهم اقتده وهو كما ترى ومثله احتمال أنه نهي عن متابعة غير الله سبحانه لأنه لو أطيع أكثر من في الأرض لأضلوا فضلا عن إطاعة قليل أو واحد منهم والمعنى إن تطع أحدا من الكفار بمخالفة ما شرع لك وأودعه كلماته المنزلة من عنده إليك يضلوك عن الحق أو إن تطع الكفار بأن جعلت منهم حكما يضلوك عن الطريق الموصل إليه أو عن الشريعة التي شرعها لعباده
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إن يتبعون أي ما يتبعون فيما هم عليه من الشرك والضلال
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إلا الظن وإن الظن فيما يتعلق بالله تعالى لا يغني من الحق شيئا ولا يكفي هناك إلا العلم وأنى لهم به وهذا بخلاف سائر الأحكام وأسبابها مثلا فإنه لا يشترط فيها العلم وإلا لفات معظم المصالح الدنيوية والأخروية والفرق بينهما على ما قاله
العز بن عبد السلام في
[ ص: 12 ] قواعده الكبرى أن الظان مجوز لخلاف مظنونه فإذا ظن صفة من صفات الإله عز شأنه فإنه يجوز نقيضها وهو نقص ولا يجوز النقص عليه سبحانه بخلاف الأحكام فإنه لو ظن الحلال حراما أو الحرام حلالا لم يكن في ذلك تجويز نقص على الرب جل شأنه لأنه سبحانه لو أحل الحرام وحرم الحلال لم يكن ذلك نقصا عليه عز وجل فدار تجويزه بين أمرين كل منهما كمال بخلاف الصفات وقال غير واحد : المراد ما يتبعون إلا ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق وجهالتهم وآراءهم الباطلة ويراد من الظن ما يقابل العلم أي الجهل فليس في الآية دليل على عدم جواز العمل بالظن مطلقا فلا متمسك لنفاة القياس بها والإمام بعد أن قرر وجه استدلالهم قال : والجواب لم لا يجوز أن يقال : الظن عبارة عن الاعتقاد الراجح إذا لم يستند إلى أمارة وهو مثل ظن الكفار أما إذا كان الاعتقاد الراجح مستندا إليها فلا يسمى ظنا وهو كما ترى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116وإن هم أي وما هم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إلا يخرصون (116) أي يكذبون وأصل الخرص القول بالظن وقول من لا يستيقن ويتحقق كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13696الأزهري ومنه خرص النخل بفتح الخاء وهي خرص بالكسر أي مخروصة والمراد أن شأن هؤلاء الكذب وهم مستمرون على تجدده منهم مرة بعد مرة مع ما هم عليه من اتباع الظن في شأن خالقهم عز شأنه .
وقال
الإمام : المراد أن هؤلاء الكفار الذين ينازعونك في دينك ومذهبك غير قاطعين بصحة مذاهبهم بل لا يتبعون إلا الظن وهم خراصون كاذبون في ادعاء القطع ولا يخفى بعد تقييد الكذب بادعاء القطع وقال غير واحد : المراد أنهم يكذبون على الله تعالى فيما ينسبون إليه جل شأنه كاتخاذ الولد وجعل عبادة الأوثان ذريعة إليه سبحانه وتحليل الميتة والبحائر ونظير ذلك ولعل ما ذهبنا إليه أولى وأبلغ في الذم ويحتمل أن يكون المراد أن هؤلاء الكفار يتبعون في أمور دينهم ظن أسلافهم وأن شأنهم أنفسهم الظن أيضا وحاصل ذلك ذمهم بفسادهم وفساد أصولهم إلا أن ذلك بعيد جدا .
nindex.php?page=treesubj&link=18791_29678_30614_34190_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : إِنَّهُ لَمَّا تَحَقَّقَ اخْتِصَاصُهُ تَعَالَى بِالْحُكْمِيَّةِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِمَا يُوجِبُ ذَلِكَ مِنْ إِنْزَالِ الْكِتَابِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَتَمَامِ صِدْقِ كَلَامِهِ وَكَمَالِ عَدْلِهِ فِي أَحْكَامِهِ وَامْتِنَاعِ وُجُودِ مَنْ يُبَدِّلُ شَيْئًا مِنْهَا وَاسْتِبْدَادِهِ سُبْحَانَهُ بِالْإِحَاطَةِ التَّامَّةِ بِجَمِيعِ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَعْلُوَمَاتِ عَقِبَ ذَلِكَ بِبَيَانِ أَنَّ الْكَفَرَةَ مُتَّصِفُونَ بِنَقَائِصِ تِلْكَ الْكِمَالَاتِ مِنَ النَّقَائِصِ الَّتِي هِيَ الضَّلَالُ وَالْإِضْلَالُ وَاتِّبَاعُ الظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ النَّاشِئُ مِنَ الْجَهْلِ وَالْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِبَانَةَ الْكَلَامِ مُبَايَنَةَ حَالِهِمْ لِمَا يَرْمُونَهُ وَتَحْذِيرًا عَنِ الرُّكُونِ إِلَيْهِمْ وَالْعَمَلِ بِآرَائِهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ مَا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِرْشَادِ إِلَى اتِّبَاعِ الْقُرْآنِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ بَعْدَ بَيَانِ كَمَالِهِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ خِطَابٍ لَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأُمَّتِهِ .
وَقِيلَ : خُوطِبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأُرِيدَ غَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ النَّاسُ وَبِأَكْثَرِهِمُ الْكُفَّارُ وَقِيلَ : مَا يَعُمُّهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْجُهَّالِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَقِيلَ : أَهْلُ
مَكَّةَ وَالْأَرْضُ أَرْضُهَا وَأَكْثَرُ أَهْلِهَا كَانُوا حِينَئِذٍ كُفَّارًا .
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا نَهْيٌ فِي الْمَعْنَى عَنْ مُتَابَعَةِ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذْ هُمْ وَالْكِرَامُ قَلِيلٌ أَقَلَّ النَّاسِ عَدَدًا وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=90فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ وَهُوَ كَمَا تَرَى وَمِثْلُهُ احْتِمَالُ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ مُتَابَعَةِ غَيْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أُطِيعَ أَكْثَرُ مَنْ فِي الْأَرْضِ لَأَضَلُّوا فَضْلًا عَنْ إِطَاعَةِ قَلِيلٍ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالْمَعْنَى إِنْ تُطِعْ أَحَدًا مِنَ الْكَفَّارِ بِمُخَالَفَةِ مَا شَرَعَ لَكَ وَأَوْدَعَهُ كَلِمَاتِهِ الْمُنَزَّلَةَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَيْكَ يُضِلُّوكَ عَنِ الْحَقِّ أَوْ إِنْ تُطِعِ الْكَفَّارَ بِأَنْ جَعَلْتَ مِنْهُمْ حَكَمًا يُضِلُّوكَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُوصِلِ إِلَيْهِ أَوْ عَنِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي شَرَعَهَا لِعِبَادِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إِنْ يَتَّبِعُونَ أَيْ مَا يَتَّبِعُونَ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَلَا يَكْفِي هُنَاكَ إِلَّا الْعِلْمُ وَأَنَّى لَهُمْ بِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَأَسْبَابِهَا مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعِلْمُ وَإِلَّا لَفَاتَ مُعْظَمُ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ
الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي
[ ص: 12 ] قَوَاعِدِهِ الْكُبْرَى أَنَّ الظَّانَّ مُجَوِّزٌ لِخِلَافِ مَظْنُونِهِ فَإِذَا ظَنَّ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الْإِلَهِ عَزَّ شَأْنُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَقِيضُهَا وَهُوَ نَقْصٌ وَلَا يَجُوزُ النَّقْصُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ لَوْ ظَنَّ الْحَلَالَ حَرَامًا أَوِ الْحَرَامَ حَلَالًا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَجْوِيزُ نَقْصٍ عَلَى الرَّبِّ جَلَّ شَأْنُهُ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَوْ أَحَلَّ الْحَرَامَ وَحَرَّمَ الْحَلَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْصًا عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ فَدَارَ تَجْوِيزُهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَالٌ بِخِلَافِ الصِّفَاتِ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : الْمُرَادُ مَا يَتَّبِعُونَ إِلَّا ظَنَّهُمْ أَنَّ آبَاءَهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ وَجَهَالَتَهُمْ وَآرَاءَهُمُ الْبَاطِلَةَ وَيُرَادُ مِنَ الظَّنِّ مَا يُقَابِلُ الْعِلْمَ أَيِ الْجَهْلُ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ مُطْلَقًا فَلَا مُتَمَسَّكَ لِنُفَاةِ الْقِيَاسِ بِهَا وَالْإِمَامُ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ وَجْهَ اسْتِدْلَالِهِمْ قَالَ : وَالْجَوَابُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : الظَّنُّ عِبَارَةٌ عَنِ الِاعْتِقَادِ الرَّاجِحِ إِذَا لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى أَمَارَةٍ وَهُوَ مِثْلُ ظَنِّ الْكَفَّارِ أَمَّا إِذَا كَانَ الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ مُسْتَنِدًا إِلَيْهَا فَلَا يُسَمَّى ظَنًّا وَهُوَ كَمَا تَرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116وَإِنْ هُمْ أَيْ وَمَا هُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إِلا يَخْرُصُونَ (116) أَيْ يَكْذِبُونَ وَأَصْلُ الْخَرْصِ الْقَوْلُ بِالظَّنِّ وَقَوْلُ مَنْ لَا يَسْتَيْقِنُ وَيَتَحَقَّقُ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13696الْأَزْهَرِيُّ وَمِنْهُ خَرْصُ النَّخْلِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَهِيَ خِرْصٌ بِالْكَسْرِ أَيْ مَخْرُوصَةٌ وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَ هَؤُلَاءِ الْكَذِبُ وَهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى تَجَدُّدِهِ مِنْهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ اتِّبَاعِ الظَّنِّ فِي شَأْنِ خَالِقِهِمْ عَزَّ شَأْنُهُ .
وَقَالَ
الْإِمَامُ : الْمُرَادُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ الَّذِينَ يُنَازِعُونَكَ فِي دِينِكَ وَمَذْهَبِكَ غَيْرُ قَاطِعِينَ بِصِحَّةِ مَذَاهِبِهِمْ بَلْ لَا يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَهُمْ خَرَّاصُونَ كَاذِبُونَ فِي ادِّعَاءِ الْقَطْعِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ تَقْيِيدِ الْكَذِبِ بِادِّعَاءِ الْقَطْعِ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا يَنْسِبُونَ إِلَيْهِ جَلَّ شَأْنُهُ كَاتِّخَاذِ الْوَلَدِ وَجَعْلِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ذَرِيعَةً إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَحْلِيلِ الْمَيْتَةِ وَالْبَحَائِرِ وَنَظِيرِ ذَلِكَ وَلَعَلَّ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ أَوْلَى وَأَبْلَغُ فِي الذَّمِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ يَتَّبِعُونَ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ ظَنَّ أَسْلَافِهِمْ وَأَنَّ شَأْنَهُمْ أَنْفُسَهُمُ الظَّنُّ أَيْضًا وَحَاصِلُ ذَلِكَ ذَمُّهُمْ بِفَسَادِهِمْ وَفَسَادِ أُصُولِهِمْ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ بِعِيدٌ جَدًّا .