قوله تعالى : فلا تطع الكافرين يعني إلى ما يدعونك إليه : إما من تعظيم آلهتهم ، وإما من موادعتهم .
وجاهدهم به فيه وجهان :
أحدهما : بالقرآن .
الثاني : بالإسلام .
جهادا كبيرا فيه وجهان :
أحدهما : بالسيف .
الثاني : بالغلظة .
قوله تعالى : وهو الذي مرج البحرين فيه وجهان :
أحدهما : هو إرسال أحدهما إلى الآخر ، قاله الضحاك .
الثاني : هو تخليتها ، حكاه النقاش وقال الأخفش مأخوذ من مرجت الشيء إذا خليته ، ومرج الوالي الناس إذا تركهم ، وأمرجت الدابة إذا خليتها ترعى ، ومنه قول العجاج :
رعى بها مرج ربيع ممرجا
وفي البحرين ثلاثة أقاويل :
أحدها : بحر السماء وبحر الأرض ، وهو قول سعيد ، ومجاهد .
الثاني : بحر فارس والروم ، وهو قول الحسن .
الثالث : بحر العذب وبحر المالح .
هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج قال عطاء : الفرات : العذب ، وقيل هو أعذب العذب . وفي الأجاج : ثلاثة أقاويل :
[ ص: 151 ] أحدها : أنه المالح ، وهو قول عطاء ، وقيل : هو أملح المالح .
الثاني : أنه المر ، وهو قول قتادة .
والثالث : أنه الحار المؤجج ، مأخوذ من تأجج النار ، وهو قول ابن بحر .
وجعل بينهما برزخا فيه ثلاثة أقويل :
أحدها : حاجز من البر ، وهو قول الحسن ، ومجاهد .
الثاني : أن البرزخ : التخوم ، وهو قول قتادة .
والثالث : أنه الأجل ما بين الدنيا والآخرة ، وهو قول الضحاك .
وحجرا محجورا أي مانعا لا يختلط العذب بالمالح ، ومنه قول الشاعر:
فرب في سرادق محجور سرت إليه من أعالي السور
محجور أي ممنوع .
وتأول بعض المتعمقين في غوامض المعاني أن مرج البحرين قلوب الأبرار مضيئة بالبر ، وهو العذب ، وقلوب الفجار مظلمة بالفجور وهو الملح الأجاج ، وهو بعيد .
قوله عز وجل : وهو الذي خلق من الماء بشرا يعني من النطفة إنسانا .
فجعله نسبا وصهرا فالنسب من تناسب كل والد وولد ، وكل شيء أضفته إلى شيء عرفته به فهو مناسبه .
وفي الصهر وجهان :
أحدهما : أنه الرضاع وهو قول طاووس .
الثاني : أنه المناكح وهو معنى قول قتادة ، وقال الكلبي : النسب من لا يحل نكاحه من القرابة ، والصهر من يحل نكاحه من القرابة وغير القرابة . وأصل الصهر الاختلاط ، فسميت المناكح صهرا لاختلاط الناس بها ، ومنه قوله تعالى : يصهر به ما في بطونهم [الحج : 20] وقيل إن أصل الصهر الملاصقة .
[ ص: 152 ]


