قوله تعالى : ولقد آتينا داود وسليمان علما فيه ستة أوجه :
أحدها : فهما ، قاله . قتادة
[ ص: 198 ] الثاني : صنعة الكيمياء وهو شاذ .
الثالث : فصل القضاء .
الرابع : علم الدين .
الخامس : منطق الطير .
السادس : بسم الله الرحمن الرحيم .
وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين . وحمدهما لله شكرا على نعمه
وفيما فضلهما به على كثير من عباده المؤمنين ثلاثة أقاويل :
أحدها : بالنبوة .
الثاني : بالملك .
الثالث : بالنبوة والعلم .
قوله تعالى : وورث سليمان داود فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ورث نبوته وملكه ، قاله ، قال قتادة : وكان الكلبي لداود تسعة عشر ولدا ذكرا وإنما خص سليمان بوراثته لأنها وراثة نبوة وملك ، ولو كانت وراثة مال لكان جميع أولاده فيه سواء .
الثاني : أن سخر له الشياطين والرياح ، قاله . الربيع
الثالث : أن داود استخلفه في حياته على بني إسرائيل وكانت ولايته هي الوراثة وهو قول ، ومنه قيل : الضحاك ، لأنهم في الدين مقام الأنبياء . العلماء ورثة الأنبياء
[ ص: 199 ] قوله تعالى : فهم يوزعون فيه ستة أوجه :
أحدها : يساقون ، وهو قول . ابن زيد
الثاني : يدفعون ، قاله ، قال الحسن اليزيدي : تدفع أخراهم وتوقف أولاهم .
الثالث : يسحبون ، قاله . المبرد
الرابع : يجمعون .
الخامس : يسجنون ، قال الشاعر
لسان الفتى سبع عليه سداته وإلا يزع من عربه فهو قاتله وما الجهل إلا منطق متسرع
سواء عليه حق أمر وباطله
السادس : يمنعون ، مأخوذ من وزعه عن الظلم ، وهو منعه عنه ، ومنه قول رضي الله عنه : ما وزع الله بالسلطان أكبر مما وزع بالقرآن . وقال عثمان النابغة
على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت ألما تصدع والشيب وازع
والمراد بهذا المنع ما قاله : أن يرد أولهم على آخرهم ليجتمعوا ولا يتفرقوا . قتادة
قوله تعالى : حتى إذا أتوا على واد النمل قال : ذكر لنا أنه واد بأرض قتادة الشام . وقال : وهو كعب بالطائف .
قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم قال : كان للنملة جناحان فصارت من الطير ، فلذلك علم منطقها ، ولولا ذلك ، ما علمه . الشعبي
[ ص: 200 ] لا يحطمنكم سليمان وجنوده أي لا يهلكنكم .
وهم لا يشعرون فيه وجهان :
أحدهما : والنمل لا يشعرون بسليمان وجنوده ، قاله . يحيى بن سلام
الثاني : وسليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل ، وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها ، وقيل إن النمل أكثر جنسه حسا لأنه إذا التقط الحبة من الحنطة والشعير للادخار قطعها اثنين لئلا تنبت ، وإن كانت كزبرة قطعها أربع قطع لأنها تنبت إذا قطعت قطعتين ، فألهم بحسه فرق ما بين الأمرين فلهذا الحس قالت: لا يحطمنكم سليمان وجنوده فحكي أن الريح أطارت كلامها إلى سليمان حتى سمع قولها من ثلاثة أميال فانتهى إليها وهي تأمر النمل بالمغادرة .
فتبسم ضاحكا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه تبسم من حذرها بالمغادرة .
الثاني : أنه تبسم من ثنائها عليه .
الثالث : أنه تبسم من استبقائها للنمل .
قال : فوقف ابن عباس سليمان بجنوده حتى دخل النمل مساكنه .
وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ألهمني ، قاله . قتادة
الثاني : اجعلني ، قاله . ابن عباس
الثالث : حرضني ، قاله فحكى ابن زيد أن رجلا من الحرس قال سفيان لسليمان ، أنا بمقدرتي أشكر لله منك ، قال فخر سليمان عن فرسه ساجدا .
[ ص: 201 ] وفي سبب شكره قولان :
أحدهما : أن علم منطق الطير حتى فهم قولها .
الثاني : أن حملت الريح قولها إليه حتى سمعه قبل وصوله لجنوده على ثلاثة أميال فأمكنه الكف .
وأن أعمل صالحا ترضاه فيه وجهان :
أحدهما : شكر ما أنعم به عليه ، قاله . الضحاك
الثاني : حفظ ما استرعاه ، وهو محتمل .
وأدخلني برحمتك فيه وجهان :
أحدهما : بالنبوة التي شرفتني بها .
الثاني : بالمعونة التي أنعمت علي بها .
في عبادك الصالحين فيه وجهان :
أحدهما : في جملة أنبيائك .
الثاني : في الجنة التي هي دار أوليائك .