يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا
قوله تعالى : اذكروا نعمة الله عليكم قال يعني يوم الأحزاب حين أنعم الله عليهم بالصبر ثم بالنصر . ابن عباس
إذ جاءتكم جنود قال : جنود الأحزاب مجاهد أبو سفيان وعيينة بن حصين وطلحة بن خويلد وأبو الأعور السلمي وبنو قريظة .
فأرسلنا عليهم ريحا قال : هي الصبا أرسلت على الأحزاب يوم مجاهد الخندق حتى كفأت قدورهم ونزعت فساطيطهم وروى عن ابن جبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس عاد بالدبور) وكان من دعائه يوم الأحزاب (نصرت بالصبا وأهلكت فضرب الله وجوه أعدائه بريح الصبا . (اللهم استر عورتنا وآمن روعتنا)
[ ص: 379 ] وجنودا لم تروها قال مجاهد : هم الملائكة . وفي ما كان منهم أربعة أقاويل : وقتادة
أحدها : تفريق كلمة المشركين وإقعاد بعضهم عن بعض .
الثاني : إيقاع الرعب في قلوبهم ، حكاه ابن شجرة .
الثالث : تقوية نفوس المسلمين من غير أن يقاتلوا معهم وأنها كانت نصرتهم بالزجر حتى جاوزت بهم مسيرة ثلاثة أيام فقال طلحة بن خويلد : إن محمدا قد بدأكم بالسحر فالنجاة النجاة .
وكان الله بما تعملون بصيرا يعني من حفر الخندق والتحرز من العدو .
قوله تعالى : إذ جاءوكم من فوقكم يعني من فوق الوادي وهو أعلاه من قبل المشرق ، جاء منه في عوف بن مالك بني نضر ، وعيينة بن حصين في أهل نجد ، في وطلحة بن خويلد الأسدي بني أسد .
ومن أسفل منكم يعني من بطن الوادي من قبل المغرب أسفل أي تحتا من النبي صلى الله عليه وسلم ، جاء منه على أهل أبو سفيان بن حرب مكة ، ويزيد بن جحش على قريش ، وجاء أبو الأعور السلمي ومعه حيي بن أخطب اليهودي في يهود بني قريظة مع من وجه عامر بن الطفيل الخندق .
وإذ زاغت الأبصار فيه وجهان :
أحدهما : شخصت .
الثاني : مالت :
وبلغت القلوب الحناجر أي زالت عن أماكنها حتى بلغت القلوب الحناجر وهي الحلاقيم واحدها حنجرة . وقيل إنه مثل مضروب في شدة الخوف ببلوغ القلوب [ ص: 380 ] الحناجر وإن لم تزل عن أماكنها مع بقاء الحياة .
وروي أنه قال يوم أبي سعيد الخدري الخندق : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تأمر بشيء تقوله فقد بلغت القلوب الحناجر فقال : (نعم قولوا : اللهم استر عورتنا وآمن روعتنا) قال : فضرب الله وجوه أعدائه بالريح فهزموا بها . عن
وتظنون بالله الظنونا فيه وجهان :
أحدهما : فيما وعدوا به من نصر ، قاله . السدي
الثاني : أنه اختلاف ظنونهم فظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يستأصلون وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله ورسوله حق وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، قاله . الحسن