وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون إني إذا لفي ضلال مبين إني آمنت بربكم فاسمعون
قوله عز وجل: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى اختلف فيه على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه كان إسكافا ، قاله عمر بن عبد الحكيم.
الثاني: أنه كان قصارا ، قاله . السدي
الثالث: أنه كان حبيب النجار ، قاله ، ابن عباس ، وعكرمة . ومجاهد
قال يا قوم اتبعوا المرسلين وفي علمه بنبوتهم وتصديقه لهم قولان:
أحدهما: لأنه كان ذا زمانة أو جذام فأبرؤوه ، قاله . ابن عباس
الثاني: لأنهم لما دعوه قال أتأخذون على ذلك أجرا؟ قالوا: لا ، فاعتقد صدقهم وآمن بهم ، قاله أبو العالية.
قوله عز وجل: اتبعوا من لا يسألكم أجرا يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون قال ذلك تنبيها على صدقهم.
الثاني: أن يكون قال ذلك ترغيبا في إجابتهم.
وهم مهتدون يحتمل وجهين:
أحدهما: مهتدون لهدايتكم.
الثاني: مهتدون فاهتدوا بهم.
قوله عز وجل: وما لي لا أعبد الذي فطرني أي: خلقني وإليه ترجعون [ ص: 14 ] أي: تبعثون. فإن قيل: فلم أضاف الفطرة إلى نفسه والبعث إليهم وهو معترف أن الله فطرهم جميعا ويبعثهم إليه جميعا؟
قيل: لأنه خلق الله تعالى له نعمة عليه توجب الشكر ، والبعث في القيامة وعيد يقتضي الزجر ، فكان إضافة النعمة إلى نفسه إضافة شكر ، وإضافة الزجر إلى الكافر أبلغ أثرا.
قال : بلغني أنهم لما قال لهم: وما لي لا أعبد الذي فطرني وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه وهو يقول: يا رب اهد قومي ، أحسبه قال: فإنهم لا يعلمون. قتادة
قوله عز وجل إني آمنت بربكم فاسمعون فيه قولان:
أحدهما: أنه خاطب الرسل بذلك أنه يؤمن بالله ربهم فاسمعون أي: فاشهدوا لي ، قاله . ابن مسعود
الثاني: أنه خاطب قومه بذلك ، ومعناه إني آمنت بربكم الذي كفرتم به فاسمعوا قولي ، قاله وهب بن منبه.