ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور
قوله عز وجل: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فيه خمسة أوجه:
أحدها: معناه ألا تؤذوني في نفسي لقرابتي منكم ، وهذا لقريش خاصة لأنه [ ص: 202 ] لم يكن بطن من قريش إلا بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة، قاله ، ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد وأبو مالك.
الثاني: معناه إلا أن تؤدوا قرابتي ، وهذا قول علي بن الحسين وعمرو بن شعيب . وروى والسدي عن مقسم قال: ابن عباس قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى الثالث: معناه إلا أن توادوني وتؤازروني كما توادون وتؤازرون قرابتكم ، قاله سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيئا فخطب فقال للأنصار (ألم تكونوا أذلاء فأعزكم الله بي؟ ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي؟ ألم تكونوا خائفين فأمنكم الله بي؟ ألا تردوا علي فقالوا: بم نجيبك؟ فقال تقولون: (ألم يطردك قومك فآويناك؟ ألم يكذبك قومك فصدقناك؟ فعد عليهم ، قال: فجثوا على ركبهم وقالوا: أنفسنا وأموالنا لك ). فنزلت ابن زيد.
الرابع: معناه إلا أن تتوددوا وتتقربوا إلى الله بالطاعة والعمل الصالح ، قاله ، الحسن . وقتادة
الخامس: معناه إلا أن تودوا قرابتكم وتصلوا أرحامكم ، قاله عبد الله بن القاسم. ومن يقترف حسنة أي يكتسب ، وأصل القرف الكسب. نزد له فيها حسنا أي نضاعف له بالحسنة عشرا. إن الله غفور شكور فيه وجهان:
أحدهما: غفور للذنوب ، شكور للحسنات ، قاله . قتادة
الثاني: غفور لذنوب آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شكور لحسناتهم ، قاله . السدي
قوله عز وجل: فإن يشأ الله يختم على قلبك فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أي ينسيك ما قد آتاك من القرآن، قاله . [ ص: 203 ] الثاني: معناه يربط على قلبك فلا يصل إليه الأذى بقولهم افترى على الله كذبا ، قاله قتادة مقاتل.
الثالث: معناه لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لطبع الله على قلبك، قاله . ابن عيسى ويحق الحق بكلماته يحتمل وجهين:
أحدهما: ينصر دينه بوعده.
الثاني: يصدق رسوله بوحيه.