والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير   
قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا  يعني بالتربص زمان العدة في المتوفى زوجها  ، وقيل في زيادة العشرة على الأشهر الأربعة ما قاله  سعيد بن المسيب   وأبو العالية  أن الله تعالى ينفخ الروح في العشرة ، ثم ذكر العشر بالتأنيث تغليبا لليالي على الأيام إذا اجتمعت لأن ابتداء الشهور طلوع الهلال ودخول الليل ، فكان تغليب الأوائل على الثواني أولى. واختلفوا في وجوب الإحداد  فيها على قولين: أحدهما: أن الإحداد فيها واجب ، وهو قول  ابن عباس  ،  والزهري.  والثاني: ليس بواجب ، وهو قول  الحسن   . روى عبد الله ابن شداد بن الهاد  ، عن  أسماء بنت عميس  قالت: لما أصيب  جعفر بن أبي طالب  ، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت)  . والإحداد: الامتناع من الزينة ، والطيب ، والترجل ، والنقلة.  [ ص: 303 ] 
ثم قال تعالى: فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف  فإن قيل: فما المعنى في رفع الجناح عن الرجال في بلوغ النساء أجلهن؟ ففيه جوابان: أحدهما: أن الخطاب توجه إلى الرجال فيما يلزم النساء من أحكام العدة ، فإذا بلغن أجلهن ارتفع الجناح عن الرجال في الإنكار عليهن وأخذهن بأحكام عددهن. والثاني: أنه لا جناح على الرجال في نكاحهن بعد انقضاء عددهن. ثم قوله تعالى: فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف  تأويلان: أحدهما: من طيب ، وتزين ، ونقلة من مسكن ، وهو قول  أبي جعفر الطبري.  والثاني: النكاح الحلال ، وهو قول  مجاهد.  وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج   [البقرة: 240] فإن قيل: فهي متقدمة والناسخ يجب أن يكون متأخرا ، قيل: هو في التنزيل متأخر ، وفي التلاوة متقدم. فإن قيل: فلم قدم في التلاوة مع تأخره في التنزيل؟ قيل: ليسبق القارئ إلى تلاوته ومعرفة حكمه حتى إن لم يقرأ ما بعده من المنسوخ أجزأه. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					