علمه شديد القوى يعني: جبريل في قول الجميع. ذو مرة فاستوى فيه خمسة أوجه: [ ص: 392 ] أحدها: ذو منظر حسن ، قاله . ابن عباس
الثاني: ذو غناء، قاله . الحسن
الثالث: ذو قوة، قاله مجاهد ، ومن قول وقتادة خفاف بن ندبة
إني امرؤ ذو مرة فاستبقني فيما ينوب من الخطوب صليب
الرابع: ذو صحة في الجسم وسلامة من الآفات، ومن قول امرئ القيسكنت فيهم أبدا ذا حيلة محكم المرة مأمون العقد
قد كنت عند لقاكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزانه
أحدها: فاستوى جبريل في مكانه، قاله . سعيد بن جبير
الثاني: قام جبريل على صورته التي خلق عليها لأنه كان يظهر له قبل ذلك في صورة لا رجل. حكى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل على صورته إلا مرتين: أما واحدة، فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق. وأما الثانية، فإنه كان معه حين صعد ، وذلك قوله وهو بالأفق الأعلى الثالث: فاستوى القرآن في صدره، وفيه على هذا وجهان:
أحدهما: فاعتدل في قوته.
الثاني: في رسالته.
الرابع: يعني: فارتفع ، وفيه على هذا وجهان:
أحدهما: أنه جبريل ارتفع إلى مكانه.
الثاني: أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ارتفع بالمعراج. وهو بالأفق الأعلى فيه قولان:
أحدهما: أنه جبريل حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم بالأفق الأعلى ، قاله . السدي
الثاني: أنه النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل بالأفق الأعلى ، قاله . وفي الأفق الأعلى ثلاثة أقاويل: عكرمة
أحدها: هو مطلع الشمس ، قاله . مجاهد
الثاني: هو الأفق الذي يأتي منه النهار ، قاله ، يعني طلوع الفجر. قتادة
الثالث: هو أفق السماء وهو جانب من جوانبها ، قاله ، ومنه قول الشاعر ابن زيد
أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم والطوالع
أحدهما: أنه جبريل، قاله . [ ص: 393 ] الثاني: أنه الرب، قاله قتادة . ابن عباس
وقوله فتدلى فيه وجهان:
أحدهما: تعلق فيما بين والسفل لأنه رآه منتصبا مرتفعا ثم رآه متدليا ، قاله ابن بحر .
الثاني: معناه قرب ، ومنه قوله تعالى وتدلوا بها إلى الحكام أي تقربوها إليهم ، وقال الشاعر
أتيتك لا أدلي بقربى قريبة إليك ولكني بجودك واثق
أحدها: قيد قوسين ، قاله قتادة . والحسن
الثاني: أنه بحيث الوتر من القوس ، قاله . مجاهد
الثالث: من مقبضها إلى طرفها ، قاله عبد الحارث.
الرابع: قدر ذراعين ، قاله ، فيكون القاب عبارة عن القدر ، والقوس عبارة عن الذراع. ثم اختلفوا في المعنى بهذا الداني على ثلاثة أوجه: السدي
أحدها: أنه جبريل من ربه ، قاله وهو قول مجاهد ابن عباس.
الثاني: أنه محمد صلى الله عليه وسلم من ربه ، قاله محمد بن كعب.
الثالث: أنه جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم. فأوحى إلى عبده ما أوحى في عبده الموحى إليه قولان:
أحدهما: أنه جبريل عليه السلام أوحى إليه ما يوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالته عائشة، ، والحسن . وقتادة
الثاني: أنه محمد صلى الله عليه وسلم أوحي إليه على لسان جبريل، قاله ابن عباس . والسدي ما كذب الفؤاد ما رأى في الفؤاد قولان: [ ص: 394 ] أحدهما: أنه أراد صاحب الفؤاد فعبر عنه بالفؤاد لأنه قطب الجسد وقوام الحياة.
الثاني: أنه أراد نفس الفؤاد لأنه محل الاعتقاد وفيه قولان:
أحدهما: معناه ما أوهمه فؤاده ما هو بخلافه كتوهم السراب ماء ، فيصير فؤاده بتوهم المحال كالكاذب له، وهو تأويل من قرأ ما كذب الفؤاد بالتخفيف.
الثاني: معناه ما أنكر قلبه ما رأته عينه، وهو تأويل من قرأ "كذب" بالتشديد. وفي الذي رأى خمسة أقاويل:
أحدها: رأى ربه بعينه ، قاله . ابن عباس
الثاني: في المنام ، قاله . السدي
الثالث: أنه بقلبه روى قال: محمد بن كعب قلنا يا رسول الله [هل رأيت ربك] ؟ قال: ثم قرأ (رأيته بفؤادي مرتين ما كذب الفؤاد ما رأى الرابع: أنه رأى جلاله ، قاله ، وروى الحسن قال: أبو العالية سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت نهرا ورأيت وراء النهر حجابا ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير ذلك .
الخامس: أنه رأى جبريل على صورته مرتين، قاله . ابن مسعود أفتمارونه على ما يرى فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أفتجادلونه على ما يرى، قاله إبراهيم.
الثاني: أفتجادلونه على ما يرى، وهو مأثور. [ ص: 395 ] الثالث: أفتشككونه على ما يرى ، قاله مقاتل. ولقد رآه نزلة أخرى يعني أنه رأى ما رآه ثانية بعد أولى، قال إن الله تعالى قسم كلامه ورؤيته بين كعب: محمد وموسى عليهما السلام، فرآه محمد مرتين، وكلمه موسى مرتين. عند سدرة المنتهى روي فيها خبران.
أحدهما: ما روى عن طلحة بن مصرف عن مرة قال: ابن مسعود لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما يعرج من الأرواح فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها الخبر.
الثاني: ما رواه عن معمر عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنس (رفعت لي قلت: يا سدرة المنتهى في السماء السابعة، ثمرها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، يخرج من ساقها نهران ظاهران ونهران باطنان، جبريل ما هذا؟ قال: أما النهران الباطنان ففي الجنة، وأما النهران الظاهران فالنيل والفرات . وفي سبب تسميتها سدرة المنتهى خمسة أوجه:
أحدها: لأنه ينتهي علم الأنبياء إليها ، ويعزب علمهم عما وراءها، قاله . ابن عباس
الثاني: لأن الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها، قاله . الضحاك
الثالث: لانتهاء الملائكة والنبيين إليها ووقوفهم عندها، قاله كعب.
الرابع: لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهاجه، قاله [ ص: 396 ] الخامس: لأنه ينتهي إليها كل ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها ، قاله الربيع بن أنس. . ابن مسعود عندها جنة المأوى فيه قولان:
أحدهما: جنة المبيت والإقامة ، قاله ، علي وأبو هريرة.
الثاني: أنها منزل الشهداء ، قاله ، وهي عن يمين العرش وفي ذكر جنة المأوى وجهان على ما قدمناه في سدرة المنتهى: ابن عباس
أحدهما: أن المقصود بذكرها تعريف موضعها بأنه عند سدرة المنتهى ، قاله الجمهور. إذ يغشى السدرة ما يغشى فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الذي يغشاها فراش من ذهب ، قاله ورواه مرفوعا. ابن مسعود
الثاني: أنهم الملائكة ، قاله . ابن عباس
الثالث: أنه نور رب العزة ، قاله . فإن قيل لم اختيرت السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر؟ قيل: لأن السدرة تختص بثلاثة أوصاف: ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية، فشابهت الإيمان الذي يجمع قولا وعملا ونية، فظلها بمنزلة العمل لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النية لكمونه، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره. الضحاك ما زاغ البصر وما طغى في زيغ البصر ثلاثة أوجه
أحدها: انحرافه.
الثاني: ذهابه، قاله . ابن عباس
الثالث: نقصانه، قاله ابن بحر . وفي طغيانه ثلاثة أوجه:
أحدها: ارتفاعه عن الحق.
الثاني: تجاوزه للحق، قاله . [ ص: 397 ] الثالث: زيادته ، ويكون معنى الكلام أنه رأى ذلك على حقه وصدقه من غير نقصان عجز عن إدراكه ، ولا زيادة توهمها في تخليه ، قاله ابن عباس ابن بحر . لقد رأى من آيات ربه الكبرى فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: ما غشي السدرة من فراش الذهب ، قاله . ابن مسعود
الثاني: أنه قد رأى جبريل وقد سد الأفق بأجنحته ، قاله أيضا. ابن مسعود
الثالث: ما رآه حين نامت عيناه ونظر بفؤاده ، قاله . الضحاك