إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة فيهم قولان :
[ ص: 67 ]
أحدهما : إن الذين بلوناهم أهل مكة بلوناهم بالجوع كرتين ، كما بلونا أصحاب الجنة حتى عادت رمادا .
الثاني : أنهم قريش ببدر . حكى أن ابن جريج أبا جهل قال يوم بدر خذوهم أخذا واربطوهم في الحبال ، ولا تقتلوا منهم أحدا ، فضرب الله بهم عند العدو مثلا بأصحاب الجنة . إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين قيل إن هذه الجنة حديقة كانت باليمن بقرية يقال لها ضروان ، بينها وبين صنعاء اليمن اثنا عشر ميلا ، وفيها قولان :
أحدهما : أنها كانت لقوم من الحبشة .
الثاني : قاله أنها كانت لشيخ من بني إسرائيل له بنون ، فكان يمسك منها قدر كفايته وكفاية أهله ، ويتصدق بالباقي ، فجعل بنوه يلومونه ويقولون : لئن ولينا لنفعلن ، وهو لا يطيعهم حتى مات فورثوها ، فقالوا : نحن أحوج بكثرة عيالنا من الفقراء والمساكين ( فأقسموا ليصرمنها مصبحين ) أي حلفوا أن يقطعوا ثمرها حين يصبحون . قتادة ولا يستثنون فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يستثنون من المساكين ، قاله . عكرمة
الثاني : استثناؤهم قول سبحان ربنا ، قاله . أبو صالح
الثالث : قول إن شاء الله . فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أمر من ربك ، قاله . ابن عباس
الثاني : عذاب من ربك ، قاله . قتادة
الثالث : أنه عنق من النار خرج من وادي جنتهم ، قاله . ابن جريج وهم نائمون أي ليلا وقت النوم ، قال : الطائف لا يكون إلا ليلا . الفراء فأصبحت كالصريم فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : كالرماد الأسود ، قاله . ابن عباس
[ ص: 68 ]
الثاني : كالليل المظلم ، قاله ، قال الشاعر الفراء
تطاول ليلك الجون البهيم فما ينجاب عن صبح ، صريم .
الثالث : كالمصروم الذي لم يبق فيه ثمر . روى عن أسباط أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن مسعود (إياكم والمعاصي ، ثم تلا : إن العبد ليذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له فطاف عليها طائف من ربك الآيتين قد حرموا خير جنتهم بذنبهم) . فتنادوا مصبحين أي دعا بعضهم بعضا عند الصبح . أن اغدوا على حرثكم قال : كان الحرث عنبا . مجاهد إن كنتم صارمين أي عازمين على صرم حرثكم في هذا اليوم . فانطلقوا وهم يتخافتون فيه أربعة أوجه :
أحدها : يتكلمون ، قاله . عكرمة
الثاني : يخفون كلامهم ويسرونه لئلا يعلم بهم أحد ، قاله عطاء . وقتادة
الثالث : يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم .
الرابع : لا يتشاورون بينهم . أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين قاله . يحيى بن سلام وغدوا على حرد قادرين فيه تسعة أوجه :
أحدها : على غيظ ، قاله . عكرمة
الثاني : على جد ، قاله . مجاهد
الثالث : على منع ، قاله . أبو عبيدة
الرابع : على قصد ، ومنه قول الشاعر
أقبل سيل جاء من عند الله يحرد حرد الجنة المغلة
اي يقصد قصد الجنة المغلة .
الخامس : على فقر ، قاله . الحسن
السادس : على حرص ، قاله . سفيان
السابع : على قدرة ، قاله . ابن عباس
الثامن : على غضب ، قاله . السدي
التاسع : أن القرية تسمى حردا ، قاله . وفي قوله : (قادرين) ثلاثة أوجه : السدي
أحدها : يعني قادرين على المساكين ، قاله . الشعبي
الثاني : قادرين على جنتهم عند أنفسهم ، قاله . قتادة
الثالث : أن موافاتهم إلى جنتهم في الوقت الذي قدروه ، قاله ابن بحر . ويحتمل رابعا : أن القادر المطاع بالمال والأعوان ، فإذا ذهب ماله تفرق أعوانه فعصي وعجز . فلما رأوها قالوا إنا لضالون أي أنهم لما رأوا أرض الجنة لا ثمرة فيها ولا شجر قالوا إنا ضالون الطريق وأخطأنا مكان جنتنا ، ثم استرجعوا فقالوا : بل نحن محرومون أي حرمنا خير جنتنا ، قال : معناه جوزينا فحرمنا . قتادة قال أوسطهم فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني أعدلهم ، قاله . ابن عباس
الثاني : خيرهم ، قاله . قتادة
الثالث : أعقلهم ، قاله ابن بحر . ألم أقل لكم لولا تسبحون فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لولا تستثنون عند قولهم ( ليصرمنها مصبحين ) ، قاله . ابن جريج
الثاني : أن التسبيح هو الاستثناء ، لأن المراد بالاستثناء ذكر الله ، وهو موجود من التسبيح .
الثالث : أن . تذكروا نعمة الله عليكم فتؤدوا حقه من أموالكم
[ ص: 70 ]